للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلِأَنَّهَا قَدْ تَحِيضُ عَلَى الْحَمْلِ فَإِذَا أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ عَلَى الظَّاهِرِ مِنْ حَيْضِهَا لَمْ يُوجِبْ إِقْرَارُهَا انْتِفَاءَ النَّسَبِ فِي حَقِّ وَلَدِهَا وَهُوَ اسْتِدْلَالُ الشَّافِعِيِّ. وَتَحْرِيرُهُ قِيَاسًا: أَنَّهُ إِلْحَاقُ وَلَدٍ بِحُكْمِ الْفِرَاشِ فَلَمْ يَخْتَلِفْ حُكْمُهُ بِإِقْرَارِ الْمُفْتَرَشَةِ.

أَصْلُهُ: إِذَا أَقَرَّتْ بِمَا يَتَضَمَّنُ نَفْيَ النَّسَبِ مَعَ بَقَاءِ الْفِرَاشِ.

فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِمَا حُكِمَ بِهِ مِنِ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، وَإِبَاحَتِهَا لِلْأَزْوَاجِ فَلَمْ تَنْقَضِ بِالْجَوَازِ فَمِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّنَا حَكَمْنَا بِانْقِضَائِهَا فِي الظَّاهِرِ ثُمَّ حَدَثَ مِنْ حَمْلِهَا مَا خَالَفَ الظَّاهِرَ فَجَازَ أَنْ يَنْقَضِيَ كَمَا لَوْ وَلَدَتْهُ لَأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ مِنْ نَقْضِهَا إِذَا انْقَضَتْ بِالشُّهُورِ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ نَقْضِهَا إِذَا انْقَضَتْ بِالْأَقْرَاءِ، وَبِمِثْلِهِ يُجَابُ عَنِ الِاسْتِدْلَالِ بِقَوْلِهِمْ إِنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ: إِذَا تَزَوَّجَتْ فَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا تَقَابَلَ بَعْدَ تَزْوِيجِهَا حُكْمُ فِرَاشٍ ثَابِتٍ وَحُكْمُ فِرَاشٍ زَائِلٍ غَلَبَ أَقْوَاهُمَا، وَهُوَ الْفِرَاشُ الثَّابِتُ فَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ وَإِذَا لَمْ تَتَزَوَّجِ انْفَرَدَ حُكْمُ الْفِرَاشِ الزَّائِلِ فَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الِاسْتِدْلَالِ بِوَلَدِ الْأَمَةِ فَهُوَ أَنْ يَتَزَوَّجَ، وَالْمَذْهَبُ فِيهِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ فِيهِ: إِنَّهُ لَا يُلْحَقُ بِهِ إِذَا وَلَدَتْهُ بعد ستة أشهر من استبرائها.

وقال فِي وَلَدِ الْحُرَّةِ: إِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ إِذَا وَلَدَتْهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنِ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فَكَانَ ابْنُ سُرَيْجٍ يَجْمَعُ بَيْنَ الْجَوَابَيْنِ وَيُخْرِجُهَا عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يُلْحَقُ بِهِ وَلَدُ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ عَلَى مَا نُصَّ عَلَيْهِ فِي وَلَدِ الْحُرَّةِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يُلْحَقُ بِهِ وَلَدُ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ عَلَى مَا نُصَّ عَلَيْهِ فِي وَلَدِ الْأَمَةِ، فَعَلَى هَذِهِ التَّسْوِيَةِ بَطَلَ الِاسْتِدْلَالُ.

وَقَالَ سَائِرُ أَصْحَابِنَا: إِنَّ الْجَوَابَ مَحْمُولٌ عَلَى ظَاهِرِ نَصِّهِ فِيهِ فَيُلْحَقُ بِهِ وَلَدُ الْحُرَّةِ بَعْدَ عِدَّتِهَا وَلَا يُلْحَقُ به ولد الأمة بعد استبرائها والفراق بَيْنَهُمَا أَنَّ وَلَدَ الْحُرَّةِ لَحِقَ فِي الِابْتِدَاءِ بِالْإِمْكَانِ فَلَحِقَ فِي الِانْتِهَاءِ بِالْإِمْكَانِ وَوَلَدَ الْأَمَةِ لَمَّا لَمْ يُلْحَقْ فِي الِابْتِدَاءِ بِالْإِمْكَانِ حَتَّى يَعْتَرِفَ بِالْوَطْءِ لَمْ يُلْحَقْ فِي الِانْتِهَاءِ بِالْإِمْكَانِ إِذَا ارْتَفَعَ حُكْمُ الْوَطْءِ، ثُمَّ، يُقَالُ لِأَبِي حَنِيفَةَ أَنْتَ تُلْحِقُ الْوَلَدَ مَعَ عَدَمِ الْإِمْكَانِ، وَتَنْفِيهِ مَعَ وُجُودِ الْإِمْكَانِ فَنَقُولُ: فِيمَنْ نَكَحَ فِي مَجْلِسِ الْحَاكِمِ وَطَلَّقَ فِيهِ أَنَّ الْوَلَدَ لَاحِقٌ بِهِ إِذَا وُلِدَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَالْعِلْمُ محيط أنه ليس منه، وتقول فِي الْمُطَلَّقَةِ بَعْدَ الْعِدَّةِ: إِنَّ الْوَلَدَ لَا يُلْحَقُ بِهِ إِذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>