للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ: " لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ وَلَا الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ ".

وَرَوَى أَيُّوبُ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لا يحرم المصة ولا المصتان، فَرَوَى عَنْ عَائِشَةَ مَا سَمِعَ مِنْهَا.

وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا سَمِعَهُ مِنْهُ.

قَالَ الْمُزَنِيُّ: قُلْتُ لِلشَّافِعِيِّ أَسَمِعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: نَعَمْ سَمِعَ مِنْهُ وَلَهُ تِسْعُ سِنِينَ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلِابْنِ الزُّبَيْرِ تِسْعُ سِنِينَ، لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ وُلِدَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ مِنْ أَوْلَادِ الْمُهَاجِرِينَ بَعْدَ سَنَةٍ مِنْ قُدُومِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمَدِينَةَ وَمَنْ لَهُ تِسْعُ سِنِينَ قَدْ يَضْبِطُ مَا يَسْمَعُهُ وَيَصِحُّ نَقْلُهُ وَرِوَايَتُهُ.

وَرَوَتْ أُمُّ الْفَضْلِ قَالَتْ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ تَزَوَّجْتُ امْرَأَتِي، وَعِنْدِي أُخْرَى، وَقَدْ ذَكَرَتِ الْأُولَى أَنَّهَا أَرْضَعَتِ الْحُدْثَى رَضْعَةً أَوْ رَضْعَتَيْنِ فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا تُحَرِّمُ الْإِمْلَاجَةُ أَوِ الْإِمْلَاجَتَانِ.

وَقِيلَ: إِنَّ الإملاجة مأخوذة من ملج يملج إذا استحلب اللَّبَنَ مِنَ الثَّدْيِ، وَكُلُّ هَذِهِ الْأَخْبَارِ الثَّلَاثَةِ نُصُوصٌ فِي أَنَّ الرَّضْعَةَ الْوَاحِدَةَ لَا تُحَرِّمُ.

فَإِنْ قِيلَ: إِنَّمَا لَمْ تُحَرِّمْ إِذَا لَمْ تَصِلْ إِلَى الْجَوْفِ بَعْدَ الْحِلَابِ أَوْ بَعْدَ مَصِّهَا مِنَ الثَّدْيِ فَعَنْهُ ثَلَاثَةُ أَجْوِبَةٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ الرَّضْعَةَ لَا تَنْطَلِقُ إِلَّا عَلَى مَا وَصَلَ إِلَى الْجَوْفِ بِالْمَصِّ وَالِازْدِرَادِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ تَخْصِيصٌ يُسْقِطُ فَائِدَةَ الْخَبَرِ، لِأَنَّهُ فَرَّقَ فِيمَا لَمْ يَصِلْ إِلَى الْجَوْفِ بَيْنَ رَضْعَتَيْنِ وَبَيْنَ مِائَةِ رَضْعَةٍ.

وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى عُمُومِ الْأَمْرَيْنِ فِيمَا وَصَلَ إِلَى الْجَوْفِ وَفِيمَا لَمْ يَصِلْ.

فَإِنْ قِيلَ: فَإِنْ كَانَ نُطْقُهُ حُجَّةً عَلَيْنَا فَإِنَّ دَلِيلَهُ حُجَّةٌ عَلَيْكُمْ، لِأَنَّ نُطْقَهُ أَنَّ الرَّضْعَتَيْنِ لَا تُحَرِّمَانِ، وَدَلِيلُهُ أَنَّ الثَّلَاثَةَ تُحَرِّمُ وَأَنْتُمْ لَا تُحَرِّمُونَ إِلَّا بِخَمْسٍ، فَصَارَ مَذْهَبُكُمْ مَدْفُوعًا بِدَلِيلِهِ كَمَا دَفَعْتُمْ مَذْهَبَنَا بِنُطْقِهِ.

قِيلَ قَدْ صَحَّ بِهِ بُطْلَانُ مَذْهَبِكُمْ، وَلَوْ تَرَكَنَا وَدَلِيلَ نُطْقِهِ صِرْنَا إِلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمِ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ عِنْدَكُمْ لَكِنْ يَمْنَعُ مِنْهُ مَا وَرَدَ فِيهِ مِنْ نَصٍّ مَنْطُوقٍ بِهِ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ تُحَرِّمُ ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُنَّ مِمَّا يُقْرَأُ فِي الْقُرْآنِ، فَلَمَّا أَخْبَرَتْ أَنَّ التَّحْرِيمَ بِالْعَشَرِ مَنْسُوخٌ بِالْخَمْسِ دَلَّ عَلَى ثُبُوتِ التَّحْرِيمِ بِالْخَمْسِ، لِأَنَّهَا دُونَهَا وَلَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>