للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَنَةٍ] ، فَإِنْ عَادَ فِيهَا بَرِئَ الْجَانِي مِنَ الْقَوَدِ وَالدِّيَةِ، وَكَانَ مَأْخُوذًا بِحُكُومَةِ الْجِنَايَةِ إِنْ أَثَّرَتْ، وَلَمْ يُعَزَّرْ، وَإِنْ لَمْ تُؤَثِّرْ عُزِّرَ وَلَمْ يُغَرَّمْ، وَإِنْ لَمْ يَعُدْ فِي السَّنَةِ حَتَّى انْقَضَّتْ أُخِذَ الْجَانِي بِالْقَوَدِ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةِ فِي الْخَطَأِ، فَعَلَى هَذَا لَوْ جَنَى عَلَيْهِ قَبْلَ انْقِضَاءِ السَّنَةِ آخَرُ فَفَقَأَ عَيْنَهُ فَدِيَةُ الْبَصَرِ وَالْقَوَدِ فِيهِ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، لِأَنَّهُ ذَهَبَ بِجِنَايَةِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَعُدْ عِنْدَ جِنَايَةِ الثَّانِي، فَلَوِ اخْتَلَفَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي فَقَالَ الْأَوَّلُ: عَادَ الْبَصَرُ قَبْلَ جِنَايَتِكَ فَأَنْتَ الْمَأْخُوذُ بِالْقَوَدِ فِيهِ أَوِ الدِّيَةِ دُونِي.

وَقَالَ الثَّانِي: بَلْ كَانَ الْبَصَرُ عِنْدَ جِنَايَتِي عَلَى ذَهَابِهِ فَأَنْتَ الْمَأْخُوذُ فِيهِ بِالْقَوَدِ أَوِ الدِّيَةِ دُونِي، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الثَّانِي مَعَ يَمِينِهِ دُونَ لأول، لِأَنَّنَا عَلَى يَقِينٍ مِنْ ذَهَابِهِ وَفِي شَكٍّ مِنْ عَوْدِهِ. فَإِنِ ادَّعَيَا عِلْمَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَمْ يَخْلُ حَالُهُ إِنْ أَجَابَ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يُصَدِّقَ الْأَوَّلَ أَوِ الثَّانِيَ، فَإِنْ صَدَّقَ الثَّانِيَ أَنَّ بَصَرَهُ لَمْ يَعُدْ حَلَفَ لِلْأَوَّلِ وَإِنْ طَلَبَ يَمِينَهُ، وَقُضِيَ عَلَيْهِ بِالْقَوَدِ أَوِ الدِّيَةِ.

وَإِنْ صَدَّقَ الْأَوَّلَ أَنَّ بَصَرَهُ عَادَ قَبْلَ جِنَايَةِ الثَّانِي بَرِئَ الْأَوَّلُ مِنَ الْقَوَدِ وَالدِّيَةِ بِتَصْدِيقِهِ، وَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ عَلَى الثَّانِي، وَصَارَتْ عَيْنُهُ هَدَرًا لِأَنَّهُ قَدِ اسْتَأْنَفَ بِتَصْدِيقِ الْأَوَّلِ دَعْوَى عَلَى الثَّانِي، وَشَهَادَةً لِلْأَوَّلِ فَلَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ عَلَى الثَّانِي، وَلَمْ يُسْتَمَعْ شَهَادَتُهُ لِلْأَوَّلِ لِمَا فِيهَا مِنِ اجْتِلَابِ النَّفْعِ، وَلَوْ لَمْ يَجْنِ عَلَيْهِ ثَانٍ وَلَكِنْ مَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ السَّنَةِ كَانَ الْجَانِي مَأْخُوذًا بِالْقَوَدِ وَالدِّيَةِ، لِأَنَّهُ أَذْهَبَ بَصَرًا لَمْ يَعُدْ، وَفِي سِنِّ مَنْ لَمْ يَثَّغِرْ إِذَا قُلِعَتْ فُقِدَ عَوْدُهَا إِلَى مُدَّةٍ مَاتَ قَبْلَهَا قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ عَوْدُهَا فِي الْمُدَّةِ لَوْ عَاشَ إِلَيْهَا، فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي تَخْرِيجِهِ فِي الْعَيْنِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يَجِيءُ تَخْرِيجُ قَوْلٍ ثَانٍ فِي الْعَيْنِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْقَوَدُ وَلَا الدِّيَةُ وَتَلْزَمُهُ حُكُومَةٌ كَمَوْتِهِ فِي مُدَّةِ السِّنِّ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجِيءُ تَخْرِيجُ هَذَا الْقَوْلِ فِي الْعَيْنِ وَإِنْ خُرِّجَ فِي السِّنِّ، لِمَا قَدَّمْنَا مِنَ الْفَرْقِ بَيْنَ السِّنِّ وَالْعَيْنِ، فَلَوِ اخْتَلَفَ الْجَانِي وَوَلِيُّهُ بَعْدَ مَوْتِهِ.

فَقَالَ الْجَانِي: عَادَ بَصَرُهُ قَبْلَ الْمَوْتِ.

وَقَالَ الْوَلِيُّ: لم يعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>