الْخِطَابِ فِي كِتَابِ اللَّهِ لَكَتَبْتُهَا: الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إذا زنيا فارجموهما البتة فإنا قد أقرأناها.
وَرَوَى الشَّافِعِيُّ بِإِسْنَادٍ ذَكَرَهُ عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّ خَالَتَهُ أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ: لَقَدْ أَقْرَأَنَاهَا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - آيَةَ الرَّجْمِ: " الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ بِمَا قَضَيَا مِنَ اللَّذَّةِ) .
فَإِنْ قِيلَ الاعتراض على هذا منوجهين:
أحدهما: أنه قَوْلِ وَاحِدٍ وَالْقُرْآنُ لَا يَثْبُتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَنْسُوخٌ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَنْسُوخُ نَاسِخًا قِيلَ: أَمَّا الِاعْتِرَاضُ فِيهِ بِخَبَرِ الواحد ففيه جَوَابَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَمَّا عَضَّدَهُ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلًا الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَالثَّيِّبُ بالثيب جلد مائة والرجم) ثم تعقبه فعله فِي رَجْمِ مَاعِزٍ وَالْغَامِدِيَّةِ خَرَجَ عَنْ حُكْمِ الْآحَادِ إِلَى الِاسْتِفَاضَةِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ قَدْ رَوَاهُ عمر على المنبر بمشهد جمهور الصحابة رضي الله عنهم فما أنكروه، فدل على اتفاقهم عليه.
وأما الاعتراض عليه بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ، فَالْمَنْسُوخُ يَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: مَا نُسِخَ رَسْمُهُ وَحُكْمُهُ كَالَّذِي رَوَاهُ أَبُو أُمَامَةَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ أَنَّ رَجُلًا قَامَ فِي اللَّيْلِ لِيَقْرَأَ سُورَةً فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا وَقَامَ آخَرُ لِيَقْرَأَهَا فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا، فَأَخْبَرَا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِذَلِكَ فَقَالَ: " إِنَهَا رُفِعَتِ الْبَارِحَةَ مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ) .
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: مَا نُسِخَ حُكْمُهُ وَبَقِيَ رَسْمُهُ كَالْوَصِيَّةِ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ وَكَقَوْلِهِ فِي الْعِدَّةِ: {مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} [البقرة: ٢٤٠] .
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَا نُسِخَ رَسْمُهُ وَبَقِيَ حُكْمُهُ مِثْلَ قَوْلِهِ: " وَالشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ نَكَالًا مِنَ اللَّهِ) .
وَمِثْلُ قَوْلِهِ: " لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيًا مِنْ ذَهَبٍ لَابْتَغَى إِلَيْهِ ثَانِيًا، وَلَوْ أَنَّ لَهُ ثَانِيًا مِنْ