والثاني: تتفكرون في أوامر الله ونواهيه فتستذكرون طَاعَةَ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا وَثَوَابَهُ فِي الْآخِرَةِ.
وَأَمَّا الْآيَةُ الثَّانِيَةُ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ وَهِيَ قَوْله تَعَالَى: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: ٤٣] فَفِي قَوْلِهِ: {لا تقربوا الصلاة} وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ نَهى عَنِ الصَّلَاةِ فِي حالة سكر.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ نَهى عَنِ الشُّرْبِ فِي وَقْتِ الصلاة، وفي قوله تعالى: {وأنتم سكارى} وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: مِنَ الشَّرَابِ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ.
وَالثَّانِي: مِنَ النَّوْمِ قَالَهُ الضَّحَّاكُ.
وَأَصْلُ السُّكْرِ مِنَ الشَّرَابِ مَأْخُوذٌ مِنْ سُكْرِ الْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ يسد مجرى الماء، فالسكر مِنَ الشَّرَابِ أَنْ يَسُدَّ طَرِيقَ الْعَقْلِ وَفِي قوله تعالى: {حتى تعلموا ما تقولون} ، وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: حَتَّى تُمَيِّزُوا مَا تَقُولُونَ مِنَ الْكَلَامِ.
وَالثَّانِي: حَتَّى تَحْفَظُوا مَا تَتْلُونَ مِنَ القرآن لأجل ما كان فيمن أُمِرَ بِالصَّلَاةِ فِي سُكْرِهِ فَلَمْ يَقُمْ بِسُورَةِ {قل يا أيها الكافرون} فَدَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى إِبَاحَةِ الْخَمْرِ فِي غَيْرِ زَمَانِ الصَّلَاةِ وَتَحْرِيمِهَا فِي زَمَانِ الصَّلَاةِ، وَفِيهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مُعْتَبَرٌ بِفِعْلِ الصلاة إذا حضر فعلها، فإذا صلى صلت له، وإن كان وقتها باقياً.
روى ابن إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ قَالَ: كَانَ مُنَادِيَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ يُنَادِي: " لَا يَقْرَبَنَّ الصَّلَاةَ سكران) .
والثاني: أنه معتبر بوقت الصلاة، يحرم فِيهِ عَلَى مَنْ صَلَّى وَمَنْ لَمْ يُصَلِّ وفيما توجيه التَّحْرِيمِ إِلَيْهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: إِلَى السُّكْرِ دُونَ الشُّرْبِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْآيَةِ.
وَالثَّانِي: إِلَى الشُّرْبِ وَالسُّكْرِ جَمِيعًا.
رَوَى أَسْبَاطٌ عَنِ السُّدِّيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ كَانَتِ الْخَمْرُ حلالاً لهم، يشربونها من صلاة الغداء حَتَّى يَنْتَصِفَ النَّهَارُ فَيَقُومُونَ إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ وهم مصحون،