للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ لَا يَشْرَبُونَهَا حَتَّى يُصَلُّوا الْعَصْرَ، ثُمَّ يَشْرَبُونَهَا حَتَّى يَنْتَصِفَ اللَّيْلُ وَيَنَامُونَ ثُمَّ يَقُومُونَ إِلَى صَلَاةِ الْفَجْرِ وَهُمْ مُصِحُّونَ.

وَأَمَّا الْآيَةُ الثَّالِثَةُ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ، وَهِيَ قَوْله تَعَالَى: {إنما الخمر والميسر} وقد مضى الكلام فيها، والأنصاب والأزلام فيها قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْأَنْصَابَ الْأَصْنَامُ الَّتِي تُعْبَدُ وَالْأَزْلَامَ قِدَاحٌ مِنْ خَشَبٍ يُسْتَقْسَمُ بِهَا.

وَالثَّانِي: الْأَنْصَاب حِجَارَةٌ حَوْلَ الْكَعْبَةِ، كَانُوا يَذْبَحُونَ عَلَيْهَا، وَالْأَزْلَام تِسْعُ قِدَاحٍ ذَوَاتُ أَسْمَاءٍ، حَكَاهَا الْكَلْبِيُّ، يستقسمون بها في أمورهم ويجعلون لكل واحد منهما حكما ثم قال؛ {رجس من عمل الشيطان} وفيها أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: سُخْطٌ.

وَالثَّانِي: شَرٌّ.

وَالثَّالِثُ: إِثْمٌ.

وَالرَّابِعُ: حرام {من عمل الشيطان} أَيْ: مِمَّا يَدْعُو إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ وَيَأْمُرُ بِهِ، لِأَنَّهُ لَا يَأْمُرُ إِلَّا بِالْمَعَاصِي، وَلَا يَنْهَى إلا عن الطاعات، وأصل الرجس المستقذر الممنوع مِنْهُ، فَعَبَّرَ بِهِ عَنْ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ مَمْنُوعًا منه، ثم قال {فاجتنبوه} يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ أَنْ تَفْعَلُوهُ.

وَالثَّانِي: فَاجْتَنِبُوا الشَّيْطَانَ أَنْ تُطِيعُوهُ {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} فِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: تَهْتَدُونَ.

وَالثَّانِي: تَسْلَمُونَ ثُمَّ قَالَ: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ والبغضاء في الخمر والميسر} بِحُصُولِ الشَرِّ وَالتَنَافُرِ لِحُدُوثِ السُّكْرِ وَغَلَبَةِ الْقِمَارِ ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الشَّيْطَانَ يَصُدُّكُمْ عَنْهُ.

وَالثَّانِي: أَنَّ سُكْرَ الْخَمْرِ يَصُدُّكُمْ عَنْ مَعْرِفَةِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ، وَطَلَبُ الْغَلَبَةِ فِي الْقِمَارِ يَشْغَلُ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ {فَهَلْ انتم منتهون} فِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: مُنْتَهُونَ عَمَّا نهى عَنْهُ من الخمر والميسر والأنصاب والأزلام وأخرجه مخرج الاستفهام وعيداً وتغليظاً [الأعراف: ٣٣] .

وَالثَّانِي: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} عَنْ طَاعَةِ الشَّيْطَانِ فِيمَا زَيَّنَهُ لَكُمْ مِنَ ارْتِكَابِ هَذِهِ الْمَعَاصِي وأما الآية الرابعة في سورة الأعراف وفي قَوْله تَعَالَى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وما بطن} فيه وجهان:

<<  <  ج: ص:  >  >>