للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَرَوَى الْحُمَيْدِيُّ فِي كِتَابِهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ نَفَرًا مِنْ حُبْشَانِ أَهْلِ اليمن قالوا: يا رسول الله إن أرضنا أرض بَارِدَةٌ وَإِنَّا نَعْمَلُ بِأَنْفُسِنَا، وَلَيْسَ لَنَا منْ ممتهن دُونَ أَنْفُسِنَا وَلَنَا شَرَابٌ نَشْرَبُهُ بِأَرْضِنَا، يُقَالُ له المذر فَإِذَا شَرِبْنَاهُ نَفَى عَنَّا الْبَرْدَ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَمُسْكِرٌ هُوَ؟ قَالُوا: نَعَمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ. وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّ كُلَّ مَنْ شَرِبَ مُسْكِرًا أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟ قَالَ: عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ أَوْ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ) .

رَوَى أَبُو سعيد السحيتي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه قال: " الخمر مِنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ النَّخْلَةِ وَالْعِنَبَةِ) ، فَإِنْ قَالُوا: يُسَمَّى مَا يُعْمَلُ مِنَ النَّخْلَةِ، خَمْرًا عَلَى طريق المجاز: لا يصح هذا، لأنه جمع بين العنبة والنخلة وَهُوَ مِنَ الْعِنَبِ خَمْرٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ، فَكَذَلِكَ من النخلة. فَإِنْ قِيلَ: فَنَحْمِلُهُ فِي الْعِنَبِ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَفِي النَّخْلِ عَلَى الْمَجَازِ قِيلَ: لَا يَصِحُّ هَذَا عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، لِأَنَّ اللَّفْظَةَ الْوَاحِدَةَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهَا الْحَقِيقَةُ والمجاز على قوله: فلم يجز تأويله عليه عَلَى أَنَّ الْمَجَازَ إِذَا وَافَقَهُ عُرْفُ الشَّرْعِ صار حقيقة تقدم على حقيقة اللغة إذا خالفها.

وَقَدْ رَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ مُحَارِبٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " الزَّبِيبُ وَالتَّمْرُ هِيَ الْخَمْرُ) وَهَذَا نَصٌّ فِي حَقِيقَةِ الِاسْمِ دُونَ مَجَازِهِ.

وَرَوَى الشَّعْبِيُّ عَنْ نُعْمَانَ بْنِ بَشِيرٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّ مِنَ الْعِنَبِ خَمْرًا وَإِنَّ مِنَ التَّمْرِ خَمْرًا، وَإِنَّ مِنَ الْعَسَلِ خَمْرًا، وإن من البسر خَمْرًا، وَإِنَّ مِنَ الشَّعِيرِ خَمْرًا) .

وَهَذَا نَصٌّ لَا يَعْتَرِضُهُ تَأْوِيلٌ فَهَذِهِ نُصُوصُ السُّنَّةِ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ: مَا يُعَاضِدُهَا فَمِنْ ذَلِكَ: مَا رَوَى الشَّعْبِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ يَوْمَ نَزَلَ وَهِيَ مِنْ خَمْسَة من العنب والتمر والعسل والحنظة وَالشَّعِيرِ وَالْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>