للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَدَلَّ عَلَى أَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: إِطْلَاقُ اسْمِ الْخَمْرِ على النبيذ والثاني: تعليل الخمر لأنه مَا خَامَرَ الْعَقْلَ. وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي الِاسْمِ ما رواه صَفْوَانُ بْنُ مُحْرِزٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ عَلَى مِنْبَرِ الْبَصْرَةِ وَهُوَ يَقُولُ: أَلَا إِنَّ خَمْرَ الْمَدِينَةِ الْبُسْرُ وَالتَّمْرُ، وَخَمْرُ أَهْلِ فَارِسَ الْعِنَبُ، وَخَمْرُ أَهْلِ الْيَمَنِ الْبِتْعُ، وَخَمْرُ الْحَبَشَةِ السُّكْرُكَةُ: وَهِيَ الْأُرْزُ.

وَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ: عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عن السائب بن زيد أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَرَجَ يُصَلِّي عَلَى جِنَازَةٍ، فَشَمَّ مِنَ ابْنِهِ عبيد الله رائحة شارب، فسأله، فقال: إني شربت الطلا فَقَالَ: إِنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ ابْنِي شَرِبَ شَرَابًا، وَإِنِّي سَائِلٌ عَنْهُ فَإِنْ كَانَ مُسْكِرًا حَدَدْتُهُ، فَسَأَلَ عَنْهُ، فَكَانَ مُسْكِرًا فَحَدَّهُ.

وَرُوِيَ أَنَّهُ لما سأل عنه، أنشد قول أبي عبيدة بن الأبرص:

(هي الخمر لا شك تكنى الطِّلَا ... كَمَا الذِّئْبُ يُكْنَى أَبَا جَعْدَةِ)

وَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا أُوتَى بِأَحَدٍ شَرِبَ خَمْرًا أَوْ نَبِيذًا مُسْكِرًا إِلَّا حَدَدْتُهُ.

وَمِنْ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: " خَمْرُ الْبِتْعِ مِنَ الْعَسَلِ وَخَمْرُ المذر مِنَ الذُّرَةِ) .

وَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ مُجَاهِدٌ عن ابن عمر ورجل سأله عن الفضيخ فقال: وما الفضيخ؟ قال: بُسْرٌ وَتَمْرٌ قَالَ: ذَاكَ الْفَضُوخُ، لَقَدْ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ وَهِيَ شَرَابُنَا.

وَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْجُوَيْرِيَةِ الْجَرْمِيَّ يَقُولُ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ وَهُوَ مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ، وَأَنَا وَاللَّهِ أَوَّلُ الْعَرَبِ سألته عن الباذق فقال: سبق محمد الباذق فما أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ.

والْبَاذِقُ الْمَطْبُوخُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هِيَ كَلِمَةٌ فَارِسِيَّةٌ عُرِّبَتْ.

فَهَذَا قَوْلُ: من ذكرنا من الصحابة وغيرهم، وليس له مُخَالِفٌ، فَكَانَ إِجْمَاعًا، ثُمَّ نُتْبِعُ مَا ذَكَرْنَا مِنَ السُّنَنِ وَالْآثَارِ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من النهي عن أوانيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>