للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرْبَاحَهُمْ، وَأَنْفَذُوا رُسُلَهُمْ؛ يَسْتَنْفِرُونَ قَبَائِلَ الْعَرَبِ لِنُصْرَتِهِمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَصْحَابِهِ وَأَجْمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَى إِخْرَاجِ الظُّعُنِ مِنْ نِسَائِهِمْ مَعَهُمْ؛ لِتَحْرِيضِهِمْ لَهُمْ وَتَذْكِيرِهِمْ، بِمَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ، وَكَانَ أَبُو عَامِرٍ الرَّاهِبُ قَدْ مَضَى إِلَى مَكَّةَ فِي خَمْسِينَ رَجُلًا مِنْ مُنَافِقِي قَوْمِهِ، فَحَرَّضَ قُرَيْشًا، وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّ الْأَنْصَارَ إِذَا رَأَوْهُ أَطَاعُوهُ، فَكَتَبَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بخبرهم، وَسَارَ أَبُو سُفْيَانَ بِهِمْ، وَهُمْ ثَلَاثَةُ آلَافِ رَجُلٍ، وَظُعُنُهُمْ خَمْسَ عَشْرَةَ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ أَشْرَافِهِمْ، وَفِيهِمْ سَبْعُمِائَةِ دِرْعٍ، وَمِائَةُ رَامٍ، وَمِائَتَا فَرَسٍ، وَثَلَاثَةُ آلَافِ بَعِيرٍ، حَتَّى نَزَلَ بِأُحُدٍ وَكَانَ وَحْشِيٌّ غُلَامًا حَبَشِيًّا لِجُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، يقذف بحربة له قذف الحبشة، قلما يخطىء؛ فَأَخْرَجَهُ مَعَ النَّاسِ وَقَالَ؛ إِنْ قَتَلْتَ حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمَّ مُحَمَّدٍ بِعَمِّي طُعَيْمَةَ بْنِ عَدِيٍّ فَأَنْتَ عَتِيقٌ وَجَعَلَتْ لَهُ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ فِي قَتْلِهِ مَا اقْتَرَحَ وَكَانَ إِذَا مَرَّ بِهَا قَالَتْ إِيهٍ أَبَا دَسْمَةَ اشْفِ وَاشْتَفِ، وَكَانَ يُكْنَى أَبَا دَسْمَةَ، وَلَمَّا نَزَلَتْ قُرَيْشٌ بِأُحُدٍ ذَلِكَ فِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ الرَّابِعِ مِنْ شَوَّالٍ، اسْتَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَصْحَابَهُ وَكَانَ رَأْيُهُ أَلَّا يَخْرُجَ إِلَيْهِمْ، وَيُقِيمَ بِالْمَدِينَةِ حَتَّى يُقَاتِلَهُمْ فِيهَا، وَوَافَقَهُ عَلَى رَأْيِهِ شُيُوخُ الْأَنْصَارِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا قَاتَلْنَا وَدَخَلَ الْمَدِينَةِ عَلَيْنَا أَحَدٌ إِلَّا ظَفِرْنَا بِهِ، وَلَا خَرَجْنَا إِلَيْهِ إِلَّا ظَفِرَ بِنَا، وَكَانَ رَأْيُ أَحْدَاثِ الْأَنْصَارِ الْخُرُوجَ إِلَيْهِمْ؛ لِتَأَخُّرِهِمْ عَنْ بَدْرٍ فَغَلَبَ رَأْيُ مَنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ، وَأَقَامَتْ قُرَيْشٌ بِأُحُدٍ بَقِيَّةَ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ، وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْجُمُعَةَ بِالْمَدِينَةِ، ثُمَّ الْعَصْرَ، ثُمَّ دَخَلَ مَنْزِلَهُ، فَلَبِسَ لَأْمَةَ سِلَاحِهِ، وَظَاهَرَ بَيْنَ دِرْعَيْنِ، فَلَمَّا رَآهُ النَّاسُ نَدِمُوا عَلَى مَا أَشَارُوا عَلَيْهِ مِنَ الْخُرُوجِ وَقَالَ لَهُمْ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ وَسَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ: أَكْرَهْتُمُوهُ عَلَى الْخُرُوجِ، وَالْوَحْيُ ينزل عليه، فقالوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اصْنَعْ مَا شِئْتَ. فَقَالَ: " مَا كَانَ لِنَبِيٍّ لَبِسَ لَأْمَةَ سِلَاحِهِ أَنْ يَنْزِعَهَا، حَتَّى يُقَاتِلَ " وَسَارَ فِي أَلْفِ رَجُلٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فِيهِمْ مِائَةُ دَارِعٍ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ إِلَّا فَرَسَانِ: أَحَدُهُمَا: لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالْآَخرُ لِأَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَدَفَعَ لِوَاءَ الْمُهَاجِرِينَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.

وَقِيلَ: إِلَى مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَدَفَعَ لِوَاءَ الْأَوْسِ إِلَى أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ وَلِوَاءَ الْخَزْرَجِ إلى خباب بْنِ الْمُنْذِرِ.

وَقِيلَ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، وَنَزَلَ بِالشَّيْخَيْنِ وَهُمَا أُطُمَانِ، كَانَ يَهُودِيٌّ، وَيَهُودِيَّة أعميان يَقُومَانِ عَلَيْهِمَا، فَيَتَحَدَّثَانِ فَنُسِبَا إِلَيْهِمَا وَهُمَا فِي طَرَفِ الْمَدِينَةِ، فَصَلَّى الْمَغْرِبَ ثُمَّ اسْتَعْرَضَ أَصْحَابَهُ، فَرَدَّ مِنْهُمْ لِصِغَرِهِ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَالْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ، وَأَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، وَأُسَيْدَ بْنَ ظُهَيْرٍ، وَعَرَابَةَ بْنَ أَوْسٍ وَهُوَ الَّذِي قَالَ فِيهِ الشَّمَّاخُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>