(رَأَيْتُ عَرَابَةَ الْأَوْسِيَّ يَنْمِي ... إِلَى الْخَيْرَاتِ مُنْقَطِعَ القرين)
ورد نافع بْنَ خَدِيجٍ، وَسَمُرَةَ بْنَ جُنْدُبٍ، ثُمَّ أَجَازَهُمَا، وَأَقَامَ بِمَكَانِهِ أَكْثَرَ اللَّيْلِ ثُمَّ سَارَ إِلَى أُحُدٍ، فَانْخَذَلَ عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ مَعَ ثَلَاثِمِائَةٍ مِنْ قَوْمِهِ، وَمَنْ تَابَعَهُ مِنَ الْمُنَافِقِينَ، وَعَادَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَقَالَ: عَلَامَ نَقْتُلُ أَنْفُسَنَا؟ وَبَقِيَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَبْعُمِائَةِ رَجُلٍ، فَسَارَ حَتَّى نَزَلَ صَبِيحَةَ يَوْمِ السَّبْتِ السَّابِعِ مِنْ شَوَّالٍ، بِالشِّعْبِ مِنْ أُحُدٍ وَأَمَرَ الرُّمَاةَ وَهُمْ خَمْسُونَ رَجُلًا أَنْ يَقِفُوا عِنْدَ الْجَبَلِ، وَجَعَلَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَيْرٍ وَأَنْ يَرْمُوا الْجَبَلَ مِنْ وَرَائِهِمْ، وَقَالَ لَهُمْ: " لَا تَبْرَحُوا مِنْ مَكَانِكُمْ إِنْ كَانَتْ لَنَا أَوْ عَلَيْنَا "، وَجَعَلَ عَلَى الْخَيْلِ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ، وَصَافُّوا الْعَدُوَّ، وَتَقَدَّمَ أَبُو عَامِرٍ الرَّاهِبُ فِي الْأَحَابِيشِ، وَالْعَبِيدِ وَنَادَى الْأَوْسَ فَقَالُوا: لَا مَرْحَبًا بِكَ، وَلَا أَهْلًا، وَصَدَقُوا الْقِتَالَ: فَانْهَزَمَتْ قُرَيْشٌ، وَتَشَاغَلَ الْمُسْلِمُونَ بِالْغَنِيمَةِ، وَزَالَ الرُّمَاةُ عَنْ مَوَاقِعِهِمْ، طَلَبًا، لِلْغَنِيمَةِ فَبَدَرَ النِّسَاءُ يَضْرِبْنَ بِالدُّفُوفِ، وَيُحَرِّضْنَ الرِّجَالَ وَيَعُلْنَ:
(نَحْنُ بَنَاتُ طَارِقْ ... نَمْشِي عَلَى النَمَارِقْ)
(إِنْ تُقْبِلُوا نُعَانِقْ ... أَوْ تُدْبِرُوا نُفَارِقْ)
(فِرَاقَ غَيْرِ وَامِقْ ... )
فَعَادَتْ قُرَيْشٌ، وَعَطَفَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فِي الْجَبَلِ إِلَى مَوْقِفِ الرُّمَاةِ مِنْ وَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ، فَانْهَزَمُوا وَوَضَعَ فِيهِمُ السَّيْفَ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا عِدَّةَ مَنْ قُتِلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ، فِيهِمْ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، قَتَلَهُ وَحْشِيٌّ، وَمَثَّلَ بِهِ وَبَقَرَتْ هِنْدٌ بَطْنَهُ، وَأَخَذَتْ كَبِدَهُ، فَلَاكَتْهَا بِفَمِهَا، ثُمَّ لَفَظَتْهَا وَمُثِّلَ بِجَمَاعَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وكسرت رباعية رسول لله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَصَابَهَا عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَشَجَّهُ فِي جَبْهَتِهِ وَضَرَبَهُ ابْنُ قَمِيئَةَ بِالسَّيْفِ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ فَاتَّقَاهُ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، فَشُلَّتْ أُصْبُعُهُ وَادَّعَى أَنَّهُ قَتَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَشَاعَ الْخَبَرُ بِهِ فِي الْمُسْلِمِينَ، وَالْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضِرِ: يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ قَدْ قُتِلَ، فَإِنَّ رَبَّ مُحَمَّدٍ لَمْ يُقْتَلْ، وَلَمْ يَبْقَ مَعَ نَبِيِّ اللَّهِ إِلَّا أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلًا سَبْعَةٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ، وَسَبْعَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَانْهَزَمَ الْبَاقُونَ بَعْدَ أَنْ قُتِلَ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ نَحْوُ ثَلَاثِينَ رَجُلًا كُلُّهُمْ يَتَقَدَّمُ بَيْنَ يَدَيْهِ. وَيَقُولُ: وَجْهِي لِوَجْهِكَ الْوَفَاءُ وَنَفْسِي لِنَفْسِكَ الْفِدَاءُ وَعَلَيْكَ سَلَامُ اللَّهِ، غَيْرَ مودع وقتل من المشركين أربعة وعشرين رَجُلًا مَنْهُمْ أَصْحَابُ اللِّوَاءِ، مِنْ بَنِي عَبْدِ الدار
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute