الثَّقَفِيَّ، فَأَجَابَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَبَعَثَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ بَعْدَ أَنْ بَعَثَ قَبْلَهُ خِرَاشَ بْنَ أُمَيَّةَ الْكَعْبِيَّ، وأمره أن ينبىء قُرَيْشًا أَنَّا لَمْ نَأْتِ لِقِتَالٍ، وَإِنَّمَا جِئْنَا زُوَّارًا لِهَذَا الْبَيْتِ، وَمَعَنَا هَدْيٌ نَنْحَرُهُ، وَنَنْصَرِفُ، فَأَتَاهُمْ عُثْمَانُ، وَأَخْبَرَهُمْ بِذَلِكَ، فَقَالُوا: لَا كَانَ هَذَا أَبَدًا، وَلَا يَدْخُلُهَا فِي هَذَا الْعَامِ، وَبَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ فَبَايَعَ أَصْحَابَهُ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ وَبَايَعَ لِعُثْمَانَ بِشِمَالِهِ عَلَى يَمِينِهِ، وَجَعَلَتِ الرُّسُلُ تَخْتَلِفُ حَتَّى أَجْمَعُوا عَلَى الصُّلْحِ وَالْمُوَادَعَةِ، فَبَعَثُوا سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو فِي عِدَّةٍ مِنْ رِجَالِهِمْ لِعَقْدِ الصُّلْحِ وَمَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، فَكَتَبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ: هَذَا مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو اصْطَلَحَا عَلَى وَضْعِ الْحَرْبِ عَشْرَ سِنِينَ يَأْمَنُ فِيهَا النَّاسُ، وَيَكُفُّ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ عَلَى أَنَّهُ لَا أَسْلَالَ وَلَا أَغْلَالَ، وَأَنَّ بَيْنَنَا عَيْبَةً مَكْفُوفَةً، وَأَنَّهُ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَدْخُلَ فِي عَهْدِ مُحَمَّدٍ وَعَقْدِهِ دَخَلَ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَدْخُلَ فِي عَقْدِ قُرَيْشٍ وَعَهْدِهَا دَخَلَ، وَأَنَّهُ مَنْ أَتَى مِنْهُمْ مُحَمَّدًا بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهِ رَدَّهُ إِلَيْهِمْ، وَمَنْ أَتَاهُمْ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ لَمْ يَرُدُّوهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا يَرْجِعُ فِي عَامِهِ هَذَا بِأَصْحَابِهِ، وَيَدْخُلُ عَلَيْنَا قَابِلَ فِي أَصْحَابِهِ فَيُقِيمُ ثَلَاثًا لَا يَدْخُلُ عَلَيْنَا إلا بسلاح سِلَاحَ الْمُسَافِرِ السُّيُوفَ فِي الْقُرُبِ.
شَهِدَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَحُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى وَمِكْرَزُ بْنُ حَفْصٍ، وَكَتَبَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ صَدْرَ هَذَا الْكِتَابِ وَكَتَبَ عَلِيٌّ نُسْخَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالْأُخْرَى مَعَ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَتَوَاثَبَتْ خُزَاعَةُ فَقَالُوا: نَحْنُ نَدْخُلُ فِي عَهْدِ مُحَمَّدٍ وَعَقْدِهِ وَتَوَاثَبَتْ بَنُو بَكْرٍ، وَقَالُوا: نَحْنُ نَدْخُلُ فِي عَقْدِ قُرَيْشٍ وَعَهْدِهِمْ، وَخَرَجَ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو مِنْ مَكَّةَ يُجْعَلُ فِي قَيْدِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ سُهَيْلٌ: هَذَا أَوَّلُ مَنْ أُقَاضِيكَ عَلَيْهِ فَرَدَّهُ إِلَيْهِ، وَقَالَ لِأَبِي جَنْدَلٍ: " قَدْ تَمَّ الصلح بيننا وبين القوم فاصبر حتى يجعل اللَّهُ لَكَ فَرَجًا وَمَخْرَجًا " وَانْطَلَقَ سُهَيْلٌ، فَنَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هَدْيَهُ، وَحَلَقَ شَعْرَهُ، حَلَقَهُ خِرَاشُ بْنُ أُمَيَّةَ الْكَعْبِيُّ وَحَلَقَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ وَقَصَرَّ بَعْضُهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اللَّهْمَ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ ثَلَاثًا "، فَقِيلَ: وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ فِي الرَّابِعَةِ: " وَالْمُقَصِّرِينَ "، وَأَقَامَ بالحديبية بضع عشرة يَوْمًا.
وَقِيلَ: عِشْرِينَ يَوْمًا فَلَمَّا بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ نَزَلَ عَلَيْهِ {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: ١] فَقَرَأَهَا عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ رَجُلٌ: أو فتح هُوَ؟ قَالَ " إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ لَفَتْحٌ " فَهَنَّأَهُ الْمُسْلِمُونَ، وَهَنَّأَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَذَكَرَ جَابِرٌ أَنَّ عَطَشًا أَصَابَهُمْ، فَأَتَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute