للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خُزَاعَةَ، وَحَضَرَ مَعَهُمْ مِنْ أَشْرَافِ قُرَيْشٍ مُتَنَكِّرِينَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو وَعِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ، وَحَاطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى وَكُرْزُ بْنُ حَفْصٍ وَبَيَّتُوا خُزَاعَةَ لَيْلًا بِالْوَتِيرِ وَقَتَلُوا مِنْهُمْ عِشْرِينَ رَجُلًا، وَذَلِكَ فِي شَعْبَانَ بَعْدَ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ بِاثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ شَهْرًا وَنَدِمَتْ قُرَيْشٌ عَلَى مَا صَنَعَتْ لِمَا فِيهِ مِنْ نَقْضِ الْعَهْدِ فَقَدِمَ عَمْرُو بْنُ سَالِمٍ الْخُزَاعِيُّ فِي أَرْبَعِينَ رَجُلًا مِنْ خُزَاعَةٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَوَقَفَ عَلَيْهِ، وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ جَالِسٌ بَيْنَ أَصْحَابِهِ فَقَالَ:

(لَا هُمَّ إِنِّي نَاشِدٌ مُحَمَّدَا ... حِلْفَ أَبِينَا وَأَبِيهِ الْأَتْلَدَا)

(فَوَالِدًا كُنَّا وَكُنْتَ وَلَدَا ... ثَمَّتْ أَسْلَمْنَا فَلَمْ نَنْزِعْ يَدَا)

(فَانْصُرْ رَسُولَ اللَّهِ نَصْرًا أَعْتَدَا ... وَادْعُ عِبَادَ اللَّهِ يَأْتُوا مَدَدَا)

(فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ قَدْ تَجَرَّدَا ... أَبْيَضَ مِثْلَ الْبَدْرِ يَنْمِي صُعُدَا)

(إِنْ سِيمَ خَسَفًا وَجْهُهُ تَرَبَّدَا ... فِي فَيْلَقٍ كَالْبَحْرِ يَجْرِي مُزْبِدَا)

(إِنَّ قُرَيْشًا أَخْلَفُوكَ الْمَوْعِدَا ... وَنَقَضُوا مِيثَاقَكَ الْمُؤَكَّدَا)

(وَجَعَلُوا لِي فِي كَدَاءٍ رَصَدَا ... وَزَعَمُوا أن لست أدعوا أحدا)

(وهم أذل وأقل عددا ... هم بيتونا بالوتير هجدا)

(فقتلونا ركعا سجدا ... )

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " نُصِرْتَ يَا عَمْرُو بْنَ سَالِمٍ " ثُمَّ قَامَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: " لَا نُصِرْتُ إِنْ لَمْ أَنْصُرْ بَنِي كَعْبٍ مِمَّا أَنْصُرُ مِنْهُ نَفْسِي، وَقَالَ: إِنَّ هَذَا السَّحَابَ لَيَسْتَهِلُّ بِنَصْرِ بَنِي كَعْبٍ ".

لِأَنَّ الْحَرْبَ كَانَتْ بَيْنَ بَنِي كَعْبٍ مِنْ خُزَاعَةَ وَبَيْنَ بَنِي نُفَاثَةَ مِنْ بَنِي بَكْرٍ ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: كَأَنَّكُمْ بِأَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ قَدْ جَاءَ لِيُجَدِّدَ الْعَهْدَ وَيَزِيدَ فِي الْمُدَّةِ فَقَدِمَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ جَدِّدِ الْعَهْدَ وَزِدْ فِي الْمُدَّةِ، فَقَالَ لَهُ: " هَلْ كَانَ مِنْكُمْ مِنْ حَدَثٍ؟ " قَالَ: لَا قَالَ: فَنَحْنُ عَلَى صُلْحِنَا عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَلَقِيَ أَبَا بَكْرٍ، وَلَقِيَ عُمَرَ، وَلَقِيَ عَلِيًّا، فَلَمْ يَرَ عِنْدَهُمْ خَيْرًا، وَكَانَ أَغْلَظَهُمْ عَلَيْهِ عُمَرُ وَأَرَقَّهُمْ عَلَيْهِ عَلِيٌّ فَلَمَّا لَمْ يَجِدْ أَبُو سُفْيَانَ مَا أَحَبَّ قَامَ، فقال: إني قد أجرت بين الناس قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنْتَ تَقُولُ هَذَا يَا أَبَا سُفْيَانَ؟ " وَعَادَ أَبُو سُفْيَانَ إِلَى مَكَّةَ، فَتَجَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَخْفَى أَمْرَهُ وَقَالَ: " اللَّهُمَّ خُذْ عَلَى أَبْصَارِهِمْ؛ حَتَّى لَا يَرَوْنِي إِلَّا بَغْتَةً ".

فَكَتَبَ حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ كِتَابًا إِلَى قُرَيْشٍ يُعْلِمُهُمْ بِخَبَرِهِمْ بِالْمَسِيرِ إِلَيْهِمْ وَأَنَفْذَهُ إِلَيْهِمْ مَعَ امْرَأَةٍ شَدَّتْهُ فِي عِقَاصِ شَعْرِهَا، فَأَنْفَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي أَثَرِهَا عَلِيَّ بْنَ أَبِي

<<  <  ج: ص:  >  >>