طَالِبٍ وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ فَأَخَذَا الْكِتَابَ مِنْهَا، وَأَحْضَرَ حَاطِبًا، وَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا؟ فَاعْتَذَرَ فَعَفَا عَنْهُ وَاسْتَنْفَرَ مَنْ حَوْلَهُ مِنَ العرب وسار إلى مكة في عشر آلَافِ دِرْعٍ وَحَاسِرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، مِنْهُمْ مَنْ جُهَيْنَةَ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ وَمَنْ مُزَيْنَةَ أَلْفٌ، وَمِنْ سُلَيْمٍ سَبْعُمِائَةٍ، وَمِنْ غِفَارَ أَرْبَعُمِائَةٍ وَمِنْ أَسْلَمَ أَرْبَعُمِائَةٍ وَسَائِرُهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارِ، وَطَوَائِفُ مِنْ تَمِيمٍ وَقَيْسٍ وَأَسَدٍ وَخَرَجَ فِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ الْعَاشِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ بَعْدَ الْعَصْرِ، فَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ أَبَا رُهْمٍ الْغِفَارِيَّ، وَصَارَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ مَا بَيْنَ عُسْفَانَ وَأَمَجَ فَأَفْطَرَ، وَقَالَ: " مَنْ أَحَبَّ فَلْيَصُمْ وَمَنْ أَحَبَّ فَلْيُفْطِرْ " ولما وصل قُدَيْدَ عَقَدَ الْأَلْوِيَةَ، وَالرَّايَاتِ لِلْقَبَائِلِ، وَلَقِيَهُ فِي طَرِيقِهِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فِي بَنِيقِ الْعُقَابِ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَكَانَ شَدِيدًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ومعه عبد بن اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَكَانَ ابْنَ عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأرادا الدُّخُولَ عَلَيْهِ فَكَرِهَ دُخُولَهُمَا، فَكَلَّمَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ حَتَّى رَقَّ عَلَيْهِمَا فَدَخَلَا عَلَيْهِ وَأَنْشَدَهُ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ
(لَعَمْرِي إِنِّي يَوْمَ أَحْمِلُ راية ... لتغلب خيل الللات خَيْلُ مُحَمَّدِ)
(لَكَالْمُدْلِجِ الْخَيْرَانِ أَظْلَمَ لَيْلُهُ ... فَهَذَا أَوَانِي حِينَ أُهْدِي وَأَهْتَدِي)
(وَهَادٍ هَدَانِي غَيْرَ نَفْسِي وَنَالَنِي ... مَعَ اللَّهِ مَنْ طَرَّدْتُ كُلَّ مطرد)
(أصد وأنأى جاهدا عن محمد ... وأدعى ولو لم أنتسب من محمد)
(هم ما هم من لم يقل بهواهم ... وإن كان ذا رأي يلم ويفند)
(أريد لأرضيهم ولست بلائط ... مع القوم ما لم أهد في كل مقعد)
(فقل لثقيف لا أريد قتالها ... وقل لثقيف تلك غيري أوعدي)
(وما كنت في الجيش الذي نال عامرا ... وما كان عن جرى لساني ولا يدي)
(قبائل جاءت من بلاد بعيدة ... نزائع جاءت من سهام وسردد)
وَلَمَّا سَارَ بِالسُّقْيَا لَقِيَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَسَارَ حَتَّى نَزَلَ مَرَّ الظَّهْرَانِ عِشَاءً فَأَمَرَ أَنْ يُوقِدَ كُلُّ رَجُلٍ نَارًا، فَأُوقِدَتْ عَشَرَةُ آلَافِ نَارٍ، فَهَالَ أَهْلَ مَكَّةَ، وَلَمْ يَعْرِفُوا الْخَبَرَ فَخَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ يَتَجَسَّسَانِ الْأَخْبَارَ، وَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: يَا صَبَاحَ قُرَيْشٍ وَاللَّهِ إِنْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَكَّةَ عَنْوَةً إِنَّهُ لَهَلَاكُ قُرَيْشٍ آخِرَ الدَّهْرِ فركب بغلة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَيْضَاءَ، وَتَوَجَّهَ إِلَى مَكَّةَ لِيَرَى مَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute