للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فِي يَوْمِ السَّبْتِ السَّادِسِ مِنْ شَوَّالٍ، فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، مِنْهُمُ الْعَشَرَةُ آلَافٍ الَّذِينَ فَتَحَ بِهِمْ مَكَّةَ، وَأَلْفَانِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ

وَحُنَيْنٌ وَادٍ إِلَى جَنْبِ ذِي الْمَجَازِ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ ثَلَاثُ لَيَالٍ

وَخَرَجَ مَعَهُ نَاسٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، مِنْهُمْ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي مُدَّةِ خِيَارِهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أعرنا سلاحك " فقال: أغصبيا مُحَمَّدُ قَالَ: " بَلْ عَارِيَةٌ مَضْمُونَةٌ مُؤَدَّاةٌ " فَقَالَ: لَيْسَ بِهَذَا بَأْسٌ، فَأَعْطَاهُ مِائَةَ دِرْعٍ بِمَا يُصْلِحُهَا مِنَ السِّلَاحِ فَسَأَلَهُ أَنْ يَكْفِيَهُ حَمْلَهَا فَفَعَلَ

وَسَبَبُ هَذِهِ الْغَزْوَةِ: أَنَّ هَوَازِنَ لَمَّا رَأَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَدْ فَتَحَ مَكَّةَ، اجْتَمَعَ أَشْرَافُهُمْ وَأَشْرَافُ ثَقِيفٍ عَلَى جَمْعِ النَّاسِ لِمُحَارَبَتِهِ، فَلَمَّا عَرَفَ ذَلِكَ وَقَدِ اجْتَمَعُوا " بِأَوْطَاسٍ " سَارَ إِلَيْهِمْ مِنْ مَكَّةَ حَتَّى نَزَلَ بِحُنَيْنٍ فِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ، الْعَاشِرِ من شوال عشاء فعبأ أصحا؟ فِي السَّحَرِ وَعَقَدَ الرَّايَاتِ وَالْأَلْوِيَةَ فِي أَهْلِهَا، فَدَفَعَ أَلْوِيَةَ الْمُهَاجِرِينَ إِلَى ثَلَاثَةٍ، دَفَعَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ لِوَاءً، وَإِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لِوَاءً وَإِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ لِوَاءً، وَدَفَعَ أَلْوِيَةَ الْأَنْصَارِ إِلَى ثَلَاثَةٍ، فَدَفَعَ إِلَى الْحُبَابِ بْنِ الْمُنْذِرِ لِوَاءً، وَدَفَعَ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ لِوَاءً، وَإِلَى أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ لِوَاءً، وَفَرَّقَ فِي الْقَبَائِلِ الْأَلْوِيَةَ يَحْمِلُهَا زُعَمَاؤُهُمْ وَعَبَّأَ النَّاسَ صُفُوفًا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَنْ نُغْلَبَ الْيَوْمَ مِنْ قِلَّةٍ، وَظَاهَرَ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَيْنَ دِرْعَيْنِ، وَلَبِسَ الْمِغْفَرَ وَالْبَيْضَةَ، وَرَكِبَ بَغْلَتَهُ دُلْدُلَ وَالشَّهْبَاءَ

فَأَمَّا هَوَازِنُ وَثَقِيفٌ فَاجْتَمَعُوا بِأَوْطَاسٍ، وَعَلَى جَمِيعِهِمْ مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ النَّضِيرِيُّ وَهُوَ الْمُدَبِّرُ لَهُمْ، وَكَانَ قَدْ أَمَرَهُمْ بِحَمْلِ ذَرَّارِيِّهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، لِيَحْتَمُوا بِهَا وَيُقَاتِلُوا عَنْهَا، وَكَانَ فِي النَّاسِ دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّةِ، شَيْخًا كَبِيرًا، لَا فَضْلَ فِيهِ إِلَّا التَّيَمُّنُ بِرَأْيِهِ وَكَانَ يُقَادُ فِي شِجَارٍ وَهُوَ سَيِّدُ بَنِي جُشَمَ، فَقَالَ لِلنَّاسِ: فِي أَيِّ وَادٍ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: بِأَوْطَاسٍ قال: نعم مجال الخيل: لا حزنه ضَرِسٌ وَلَا سَهْلٌ دَهْسٌ مَا لِي أَسْمَعُ رُغَاءَ الْبَعِيرِ، وَنُهَاقَ الْحَمِيرِ وَبُكَاءَ الصَّغِيرِ؛ قَالُوا: سَاقَ مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ مَعَ النَّاسِ بِنِسَائِهِمْ؟ وأبناءهم وَأَمْوَالِهِمْ فَدَعَى مَالِكًا، وَقَالَ لَهُ: سُقْتَ مَعَ الناس بنسائهم وأبنائهم واموالهم ووأنه لَا يَنْفَعُكَ إِلَّا رَجُلٌ بِسَيْفِهِ وَرُمْحِهِ فَارْفَعْهُمْ إِلَى عَلْيَاءِ بِلَادِهِمْ، ثُمَّ ألْقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>