للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: أعرض عن استهزائهم.

والمستهزؤون خَمْسَةٌ: الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَالْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ، وَأَبُو زَمْعَةَ وَالْأُسُودُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ، وَالْحَارِثُ بْنُ الطُّلَاطِلَةِ، أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا قَبْلَ بَدْرٍ، لِاسْتِهْزَائِهِمْ بِرَسُولِهِ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} [الأنعام: ٦٨] . وَفِي خَوْضِهِمْ فِي آيَاتِهِ تَأْوِيلَانِ:

أَحَدُهُمَا: تَكْذِيبُهُمْ بِالْقُرْآنِ.

وَالثَّانِي: تَكْذِيبُهُمْ لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وقال تعالى: {ادع إلى رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل: ١٢٥] . يَعْنِي إِلَى دِينِ رَبِّكَ وَهُوَ الْإِسْلَامُ. {بِالْحِكْمَةِ} فِيهَا تَأْوِيلَانِ:

أَحَدُهُمَا: بِالْقُرْآنِ، قَالَهُ الْكَلْبِيُّ.

وَالثَّانِي: بِالرِّسَالَةِ وَهُوَ محتمل. {والموعظة الحسنة} فِيهِ تَأْوِيلَانِ:

أَحَدُهُمَا: بِالْقُرْآنِ، مَنْ لَيْسَ مِنَ الْقَوْلِ، قَالَهُ الْكَلْبِيُّ.

وَالثَّانِي: بِمَا فِيهِ مِنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، قَالَهُ مُقَاتِلٌ. {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: ١٢٥] فِيهِ أَرْبَعَةُ تَأْوِيلَاتٍ:

أَحَدُهَا: بِالْعَفْوِ.

وَالثَّانِي: بِأَنْ تُوقِظَ الْقُلُوبَ وَلَا تُسَفِّهَ الْعُقُولَ.

وَالثَّالِثُ: بِأَنْ تُرْشِدَ الْخَلَفَ وَلَا تَذُمَّ السَّلَفَ.

وَالرَّابِعُ: عَلَى قَدْرِ مَا يَحْتَمِلُونَ.

رَوَى نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " أُمِرْنَا مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ أَنْ نُعَلِّمَ النَّاسَ عَلَى قَدْرِ عُقُولِهِمْ " وَقَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعني} [آل عمران: ٢] وَفِيهِ تَأْوِيلَانِ.

أَحَدُهُمَا: مَعْنَاهُ: أَسْلَمْتُ نَفَسِي لِامْتِثَالِ أَمْرِ اللَّهِ.

وَالثَّانِي: مَعْنَاهُ أَخْلَصْتُ قَصْدِي لِطَاعَةِ اللَّهِ.

فَإِنْ قِيلَ: فِي أَمْرِهِ عِنْدَ حِجَاجِهِمْ بِأَنْ يَقُولَ: أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ عُدُولٌ عَنْ جَوَابِهِمْ وَتَسْلِيمٌ بِحِجَاجِهِمْ.

قِيلَ: فِيهِ جوابان:

<<  <  ج: ص:  >  >>