للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الصُّلْحَ وَالْأَمَانَ تَحَدَّدَ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، فَلَا اعْتِبَارَ بِمَا كَانَ قَبْلَهُ، وَقَسَمُهُ أَنْ يغزوهم فقد قال فيه " إنشاء اللَّهُ فَاسْتَثْنَى عَلَى أَنَّهُ قَدْ غَزَاهُمْ؛ لِأَنَّهُ قَهَرَهُمْ وَدَخَلَ عَلَيْهِمْ غَالِبًا "

وَالثَّانِي: أَنَّ نَشْرَ الرَّايَاتِ وَسَلَّ السُّيُوفِ مِنْ عَادَاتِ الْجُيُوشِ فِي الصلح والعنوة، وإنما يقع بين الفرق الْحَالَتَيْنِ بِالْقِتَالِ وَالْمُحَارَبَةِ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ دَخَلَهَا عَنْوَةً مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَمَّا دَخَلَهَا عَلَى كُرْهٍ مِنْهُمْ وَظُهُورٍ عَلَيْهِمْ صَارَ مَوْصُوفًا بِالْعَنْوَةِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْعَنْوَةَ الْخُضُوعُ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ} [طه: ١١١] أَيْ: خَضَعَتْ، وَهُمْ قَدْ خَضَعُوا حِينَ اسْتَسْلَمُوا لِأَمَانِهِ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ " احْصُدُوهُمْ حَصْدًا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الصَّفَا " فَمِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ قَالَ قَبْلَ نُزُولِهِ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ وَعَقْدِ الْأَمَانِ مَعَ أَبِي سُفْيَانَ؛ لِأَنَّ أَبَا بَكْرِ ابن الْمُنْذِرِ رَوَى أَنَّهُ قَالَ: " احْصُدُوهُمْ غَدًا حَصْدًا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الصَّفَا " وَرَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ فِي كِتَابِ " الْأَمْوَالِ " عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى مَنْ قَاتَلَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ أَسْفَلَ مَكَّةَ مِنْ قُرَيْشٍ وَبُنِيَ نُفَاثَةَ. وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمْ: لَوْ كَانَ صُلْحًا لَأَمِنَ جَمِيعُ النَّاسِ وَلَمْ يَخُصَّهُ بِمَنْ أَلْقَى سِلَاحَهُ وَأَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ أَنَّهُ جَعَلَ عَقْدَ الْأَمَانِ مُعَلَّقًا بِهَذَا الشَّرْطِ، فَصَارَ خَاصًّا فِي اللَّفْظِ عَامًّا فِي الْحُكْمِ، وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ، لِقُرَيْشٍ " أَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ " فَهُوَ لِأَنَّهُ أَمَّنَهُمْ بَعْدَ الْخَوْفِ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِمْ بَعْدَ إِسَاءَتِهِمْ، وَصَفَحَ عَنْهُمْ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِمْ، فَصَارُوا بِتَرْكِ الْمُؤَاخَذَةِ، طُلَقَاءَ وَبِالْإِحْسَانِ عُتَقَاءَ، وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ: قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أَمَّ هَانِئٍ " فَهُوَ أَنَّ الرَّجُلَيْنِ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُمَا شَرْطُ الْأَمَانِ؛ لِأَنَّهُمَا كَانَا شَاكَّيْنِ فِي سِلَاحِهِمَا، وَقَدْ عَلَّقَ شَرْطَ الْأَمَانِ بِإِلْقَاءِ السِّلَاحِ وَغَلْقِ الْأَبْوَابِ فَبَقِيَا عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ؛ فَلِذَلِكَ اسْتَجَازَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ يَقْتُلَهُمَا حَتَّى اسْتَجَارَا بِأُمِّ هَانِئٍ، فَأَمَّنَهُمَا رَسُولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا " كُلُّ الْبِلَادِ فُتِحَتْ بِالسَّيْفِ إِلَّا الْمَدِينَةَ " فَهُوَ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ كُلَّ الْبِلَادِ فُتِحَتْ بِالْخَوْفِ مِنَ السَّيْفِ إِلَّا الْمَدِينَةَ وَلَمْ تَرِدِ به الْعَنْوَةُ وَالصُّلْحُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ فَتَحَ بَعْضَ الْبِلَادِ صُلْحًا.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ: إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ الْفِيلَ عَنْ مَكَّةَ وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رسوله " فهو

<<  <  ج: ص:  >  >>