أَحَدُهُمَا: هُوَ النَّائِبُ عَنْهُ فِي عَقْدِ الْهُدْنَةِ لِمُبَاشَرَتِهِ لَهَا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: النَّائِبُ عَنْهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ يُسْتَحَقُّ فِيهِ، فَإِنْ هَاجَرَتْ إِلَى غَيْرِ بَلَدِهِ لَمْ يُسْتَحَقَّ مَهْرُهَا لِعَدَمِ مَنْ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ.
وَالشَّرْطُ الرَّابِعُ: أَنْ يَسْتَقِرَّ إِسْلَامُهَا بِالْبُلُوغِ وَالْعَقْلِ، فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً، وُقِفَ أَمْرُهَا على البلوغ والإقامة، وَمُنِعَ مِنْهَا؛ لِئَلَّا تُفْتَنَ عَنْ دِينِهَا إِذَا بَلَغَتْ أَوْ أَفَاقَتْ، فَإِنْ صَبَرَ الزَّوْجُ مُنْتَظِرًا يُمْنَعُ مِنَ الْمَهْرِ، فَإِنْ بَلَغَتِ الصَّغِيرَةُ، وَأَفَاقَتْ عَلَى الْإِسْلَامِ دُفِعَ إِلَيْهَا مَهْرُهَا، وَإِنْ وَصَفَتِ الْكُفْرَ لَمْ يُدْفَعْ إِلَيْهَا مَهْرُهَا، وَيُمَكَّنْ مِنْهَا.
وَإِنِ امْتَنَعَ مِنَ الصَّبْرِ وَالِانْتِظَارِ، وَقَالَ: إِمَّا التَّمْكِينُ مِنْهَا أَوْ دَفْعُ مَهْرِهَا، فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يُجْبَرُ عَلَى الصَّبْرِ انْتِظَارًا لَهَا، وَلَا يُمَكَّنُ مِنْهَا؛ لِجَوَازِ إِسْلَامِهَا، وَلَا يُدْفَعُ إِلَيْهِ مَهْرُهَا؛ لِجَوَازِ كُفْرِهَا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُدْفَعُ إِلَيْهِ مَهْرُهَا؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لَا يُعَجَّلُ لَهُ أَيْسَرُهُمَا، وَرُوعِيَ حَالُهَا إِذَا بَلَغَتْ، فَإِنْ أَقَامَتْ عَلَى الْإِسْلَامِ اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَى الْمَهْرِ وَمَنَعَهُ مِنْهَا. وَإِنْ وَصَفَتِ الْكُفْرَ اسْتَرْجَعَ مِنْهُ مَهْرَهَا، وَمُكِّنَ مِنْهَا.
فَأَمَّا الْمَجْنُونَةُ، فَإِنْ كَانَتْ قَدْ وَصَفَتِ الْإِسْلَامَ قَبْلَ جُنُونِهَا دُفِعَ إِلَيْهِ مَهْرُهَا، وَإِنْ وَصَفَتْهُ فِي جُنُونِهَا كَانَتْ كَالصَّغِيرَةِ فِي انْتِظَارِ إقامتها.
وَالشَّرْطُ الْخَامِسُ: أَنْ تَكُونَ بَاقِيَةَ الْحَيَاةِ لَمْ تَمُتْ؛ لِيَصِيرَ الزَّوْجُ مَمْنُوعًا مِنْهَا، فَإِنْ مَاتَتْ نُظِرَ فِي مَوْتِهَا، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ طَلَبِ الزَّوْجِ لَهَا اسْتَحَقَّ مَهْرَهَا؛ لِأَنَّهُ قَدِ اسْتَوْجَبَهُ بِالطَّلَبِ فَلَمْ يَسْقُطْ بِالْمَوْتِ، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ طَلَبِهِ، فَلَا مَهْرَ لَهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ مَنْعٌ يَسْتَحِقُّ بِهِ الْمَهْرَ، وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ الزَّوْجُ دُونَهَا، وَكَانَ قَبْلَ طَلَبِهِ، فَلَا مَهْرَ لِوَارِثِهِ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ طَلَبِهِ اسْتَحَقَّ وَارِثُهُ الْمَهْرَ لِوُجُوبِهِ بِالْمَنْعِ قَبْلَ الْمَوْتِ.
وَالشَّرْطُ السَّادِسُ: أَنْ تَكُونَ بَاقِيَةً فِي عِدَّتِهَا، فَإِنْ طَلَبَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، فَلَا مَنْزِلَةَ لِوُقُوعِ الْفِرْقَةِ بِانْقِضَائِهَا إِلَّا أَنْ يَطْلُبَهَا فِي الْعِدَّةِ، وَلَا يَسْقُطُ الْمَهْرُ بِتَأْخِيرِهِ إِلَى انْقِضَائِهَا كَمَا لَا يَسْقُطُ بِالْمَوْتِ.
وَالشَّرْطُ السَّابِعُ: أَنْ تَكُونَ مُقِيمَةً عَلَى إِسْلَامِهَا، فَإِنِ ارْتَدَّتْ عَنْهُ مُنِعَ مِنْهَا، وَفِي اسْتِحْقَاقِهِ لِمَهْرِهَا لِهَذَا الْمَنْعِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَسْتَحِقُّهُ لِمَنْعِهِ مِنْهَا بِحُرْمَةِ الْإِسْلَامِ كَالْمُسْلِمَةِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَسْتَحِقُّهُ؛ لِأَنَّهُ مَنْعٌ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ وَلَيْسَ يُمْنَعُ لِثُبُوتِ الْإِسْلَامِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِأَنَّ فَرْجَ الْمَرْأَةِ الْمُرْتَدَّةِ مَحْظُورٌ عَلَى الْكَافِرِ كَالْمُسْلِمَةِ.