للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحَرُمَ، اعْتِبَارًا بِالِاسْمِ دُونَ الْحُكْمِ، فَيَحْنَثُ فِي اللَّحْمِ بِكُلِّ لَحْمٍ، وَفِي الْوَطْءِ بِكُلِّ وَطْءٍ، ثُمَّ عَلَى هَذَا الْقِيَاسُ فِي نَظَائِرِهِ.

وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّالِثُ: فِي تَخْصِيصِ الْعُمُومِ بِالْعُرْفِ فَضَرْبَانِ: عَامٌّ وَخَاصٌّ.

فَأَمَّا الْعُرْفُ الْعَامُّ، فَكَمَنَ حَلَفَ لِغَيْرِهِ: لَأَخْدِمَنَّكَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، فَيُخَصُّ بِالْعُرْفِ مِنْ خِدْمَةِ النَّهَارِ زَمَانَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالطَّهَارَةِ، وَالصَّلَاةِ وَالِاسْتِرَاحَةِ بِحَسَبِ مَا يُخْدَمُ فِيهِ مِنْ شَاقٍّ وَسَهْلٍ.

وَمِنْ خِدْمَةِ اللَّيْلِ وَقْتَ النَّوْمِ وَالْمَأْلُوفِ، فَإِنْ تَرَكَ الْخِدْمَةَ فِيهَا لَمْ يَحْنَثْ، لِخُرُوجِهَا بِالْعُرْفِ مِنْ عُمُومِ يَمِينِهِ.

وَإِنْ تَرَكَ الْخِدْمَةَ فِي غَيْرِهَا مِنَ الْأَوْقَاتِ حَنِثَ، لِدُخُولِهَا فِي عُمُومِ يَمِينِهِ، وَلَوْ حَلَفَ لَأَضْرِبَنَّكَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خَرَجَ بِالْعُرْفِ مِنْ زَمَانِ النَّهَارِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ زَمَانِ الِاسْتِرَاحَةِ فِي الْخِدْمَةِ، فَلَا يَكُونُ بِتَرْكِ الضَّرْبِ فِيهَا حَانِثًا، وَخَرَجَ بِالْعُرْفِ مِنْ بَقِيَّةِ الزَّمَانِ فِي الضَّرْبِ خُصُوصًا فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَكُونُ أَلَمُ الضَّرْبِ فِيهِ بَاقِيًا، فَيَكُونُ بَقَاءُ أَلَمِهِ كَبَقَاءِ فِعْلِهِ، فَإِنْ تَرَكَ ضَرْبَهُ مَعَ بَقَاءِ الْأَلَمِ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ تَرَكَهُ مَعَ زَوَالِ الْأَلَمِ حَنِثَ، لِأَنَّ مِنْ دَوَامِ فِعْلِهِ أَنْ تَتَخَلَّلَهُ فَتَرَاتٌ فِي الْعُرْفِ، فَاعْتُبِرَ بِدَوَامِ أَلَمِهِ الْحَادِثِ عَنْهُ.

وَلَوْ قَالَ: وَاللَّهِ لَا وَضَعْتُ رِدَائِي عَنْ عَاتِقِي انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ عَلَى لُزُومِ لُبْسِهِ فِي زَمَانِ الْعُرْفِ، فَإِنْ نَزَعَهُ عَنْ عَاتِقِهِ فِي زَمَانِ اللَّيْلِ أَوْ دُخُولِ الْحَمَّامِ أَوْ عِنْدَ تَبَذُّلِهِ لَمْ يَحْنَثْ لِخُرُوجِهِ بِالْعُرْفِ عَنْ زَمَانِ لُبْسِهِ، وَإِنْ نَزَعَهُ فِي غَيْرِهِ حَنِثَ لِدُخُولِهِ فِي عُرْفِ لُبْسِهَا.

فَلَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ: وَاللَّهِ لَا نَزَعْتُ رِدَائِي عَنْ عَاتِقِي حَتَّى أَقْضِيَكَ دَيْنَكَ، حَنِثَ بِنَزْعِهِ قَبْلَ قَضَاءِ دَيْنِهِ فِي زَمَانِ الْعُرْفِ وَغَيْرِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ جَعْلَهُ فِي الْإِطْلَاقِ مَقْصُودًا فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ شَرْطٌ وَالْعُرْفُ مُعْتَبَرٌ فِي الْأَيْمَانِ دُونَ الشُّرُوطِ.

وَلَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ: وَاللَّهِ لَأَخْدِمَنَّكَ حَتَّى أَقْضِيَكَ دَيْنَكَ، لَمْ يَحْنَثْ بِتَرْكِ الْخِدْمَةِ فِي زَمَانِ الِاسْتِرَاحَةِ، قَبْلَ الْقَضَاءِ، لِأَنَّهُ جَعَلَ الْخِدْمَةَ خَبَرًا، وَلَمْ يَجْعَلْهَا شَرْطًا، ثُمَّ عَلَى قِيَاسِ هَذَا فِي نَظَائِرِهِ.

وَيَنْسَاقُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ إِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الرُّؤُوسَ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِرُؤُوسِ غَيْرِ الْغَنَمِ، لِخُرُوجِهَا بِالْعُرْفِ مِنْ عُمُومِ الِاسْمِ، وَإِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْبَيْضَ لَمْ يَحْنَثْ بِبَيْضِ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ، وَكَذَلِكَ فِي نَظَائِرِهِ.

وَيَطَّرِدُ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ إِذَا حَلَفَ لَا يَلْبَسُ هَذَا الْقَمِيصَ، حَنِثَ بِلُبْسِهِ إِذَا تَقَمَّصَ بِهِ، وَلَمْ يَحْنَثْ بِلُبْسِهِ إِذَا ارْتَدَى بِهِ، وَإِذَا حَلَفَ لَا يَلْبَسُ هَذَا الْخَاتَمَ حَنِثَ بِلُبْسِهِ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>