أَوْ بِمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ عَامًّا.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ خَاصًّا.
فَإِنْ كَانَ عَامًّا: فَقَالَ لَا يَحْكُمُ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ إِلَّا بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَوْ بِمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ كَانَ هَذَا الشَّرْطُ بَاطِلًا سَوَاءٌ كَانَ مُوَافِقًا لِمَذْهَبِ الْمُوَلِّي أَوْ مُخَالِفًا، لِأَنَّهُ قَدْ مَنَعَهُ مِنَ الِاجْتِهَادِ فِيمَا يَجِبُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ.
فَأَمَّا صِحَّةُ التَّقْلِيدِ وَفَسَادُهُ فَمُعْتَبَرٌ بِشَرْطِهِ.
فَإِنْ عَدَلَ بِهِ عَنْ لَفْظِ الشَّرْطِ وَأَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الْأَمْرِ فَقَالَ احْكُمْ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَوْ أَخْرِجْهُ مَخْرَجَ النَّهْيِ فَقَالَ لَا تَحْكُمْ بِمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ صَحَّ التَّقْلِيدُ وَإِنْ بَطَلَ مَا أَمَرَ بِهِ وَنَهَاهُ عَنْهُ.
وَإِنْ جَعَلَهُ بِلَفْظِ الشَّرْطِ فِي الْعَقْدِ فَقَالَ عَلَى أَنْ تَحْكُمَ بِمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ إِنْ جَعَلَهُ أَمْرًا أَوْ عَلَى أَنْ لَا تَحْكُمَ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، إِنْ جَعَلَهُ نَهْيًا بَطَلَ التَّقْلِيدُ لِفَسَادِ الشَّرْطِ لِأَنَّهُ مَعْقُودٌ عَلَى شَرْطٍ فَاسِدٍ. وَقَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ لَا يَبْطُلُ التَّقْلِيدُ وَإِنْ بَطَلَ الشَّرْطُ كَمَا لَوْ لَمْ يَخْرُجْ فِي الْعَقْدِ مَخْرَجَ الشَّرْطِ.
وَفَرْقُ مَا بَيْنَهُمَا يَمْنَعُ مِنْ تَسَاوِي حُكْمِهِمَا.
وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّانِي وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ خَاصًّا فِي حُكْمٍ بِعَيْنِهِ فَلَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ أَمْرًا أَوْ نَهْيًا.
فإن كان أمرا فقال أقد الْمُسْلِمَ بِالْكَافِرِ وَمِنَ الْحُرِّ بِالْعَبْدِ كَانَ أَمْرُهُ بِهَذَا الشَّرْطِ فَاسِدًا.
فَإِنْ تَجَرَّدَ عَنْ لَفْظِ الشَّرْطِ صَحَّ التَّقْلِيدُ مَعَ فَسَادِ الشَّرْطِ.
وَإِنْ قَرَنَهُ بِلَفْظِ الشَّرْطِ بَطَلَ التَّقْلِيدُ لِفَسَادِ الشَّرْطِ.
وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ نَهْيًا: فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَنْهَاهُ عَنِ الْحُكْمِ فِي قَتْلِ الْمُسْلِمِ بِالْكَافِرِ وَالْحُرِّ بِالْعَبْدِ وَلَا يَقْضِي فِيهِ بِوُجُوبِ قَوَدٍ وَلَا بِإِسْقَاطِهِ فَهَذَا شَرْطٌ فَاسِدٌ وَتَقْلِيدٌ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ اقْتَصَرَ بِوِلَايَتِهِ عَلَى مَا عَدَاهُ فَصَارَ خَارِجًا مِنْ نَظَرِهِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَنْهَاهُ عَنِ الْحُكْمِ فِيهِ وَيَنْهَاهُ عَنِ الْقَضَاءِ بِالْقِصَاصِ: فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي هَذَا النَّهْيِ هَلْ يُوجَبُ صَرْفُهُ عَنِ النَّظَرِ فِيهِ؟ على وجهين: