للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِذَا اجْتَمَعَ الْخُصُومُ أَقْرَعَ بَيْنَ الْمَحْبُوسِينَ فِيمَنْ يُقَدِّمُهُ فِي النَّظَرِ، وَلَمْ يُقْرِعْ بَيْنَ الْخُصُومِ، لِأَنَّ نَظَرَهُ لِلْمَحْبُوسِينَ عَلَى خُصُومِهِمْ وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى الْقُرْعَةِ الْأُولَى فِي إِثْبَاتِ أَسْمَائِهِمْ.

فَإِذَا فَرَغَ أَحَدُهُمْ أَمَرَ بِإِخْرَاجِهِ وَنَادَى بِإِحْضَارِ خَصْمِهِ. وَلَا يَفْتَقِرُ فِي إِخْرَاجِ الْمَحْبُوسِينَ إِلَى إِذْنِ خَصْمِهِ، لِأَنَّهُ يَخْرُجُ فِي حَقِّهِ لَا فِي حَقِّ حَابِسِهِ.

وَإِنْ كَانَ الْحَبْسُ بَعِيدًا مِنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ أَخْرَجَ بِالْقُرْعَةِ جَمِيعَ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى النَّظَرِ بَيْنَهُمْ فِي يَوْمِهِ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي النَّظَرِ.

فَإِذَا تَكَامَلُوا بَدَأَ بِالنَّظَرِ فِي أَمْرِ الْأَسْبَقِ بِالْقُرْعَةِ الْمَاضِيَةِ وَلَمْ يَسْتَأْنِفْ قُرْعَةً ثَانِيَةً لِأَنَّ الْقُرْعَةَ لِإِخْرَاجِهِ إِنَّمَا كَانَتْ لِلنَّظَرِ فِي أَمْرِهِ.

وَإِنْ كَانَ الْحَبْسُ قَرِيبًا مِنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ ثَانِيًا إِلَّا بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ النَّظَرِ فِي أَمْرِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ اتِّصَالُ نَظَرِهِ وَقَدْ لَا يَتَّصِلُ مَعَ الْبُعْدِ إِلَّا بِإِخْرَاجِ جَمِيعِهِمْ، وَيَتَّصِلُ مَعَ الْقُرْبِ بِإِخْرَاجِ وَاحِدٍ بَعْدَ وَاحِدٍ.

فَإِذَا تَقَدَّمَ الْمَحْبُوسُ إِلَيْهِ سَأَلَهُ عَنْ سَبَبِ حَبْسِهِ وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى السُّؤَالِ الْأَوَّلِ فِي الْحَبْسِ وَعَارَضَهُ بِهِ فَإِنِ اتَّفَقَا وَإِلَّا عَمِلَ عَلَى أَغْلَظِ الْأَمْرَيْنِ مِنَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي فَإِنْ ثَبَتَ فِي دِيوَانِ الْحُكْمِ سَبَبُ حَبْسِهِ قَابَلَهُ بِمَا قَالَهُ فِي الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَعَمِلَ عَلَى أَغْلَظِ الثَّلَاثَةِ.

فَإِذَا اسْتَقَرَّ الْعَمَلُ بِأَحَدِهَا كَانَ لَهُ فِيمَا يذكره من سبب حبسه خمسة أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَقُولَ حَبَسَنِي تَعْزِيرًا لِلَّذِي كَانَ مِنِّي وَلَمْ يَحْبِسْنِي لِخَصْمٍ، فَقَدِ اسْتَوْفَى حَبْسَ التَّعْزِيرِ بِعَزْلِ الْأَوَّلِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَكْمِلْ مُدَّةَ حَبْسِهِ مَعَ بَقَاءِ نَظَرِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ لَا يُعَزَّرُ لِذَنْبٍ كَانَ مَعَ غَيْرِهِ.

وَلَمْ يُطْلِقْهُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لَهُ خَصْمٌ لَمْ يَذْكُرْهُ حَتَّى يُنَادِيَ فِي النَّاسِ أَيَّامًا بِأَنَّ الْقَاضِيَ قَدْ رَأَى إِطْلَاقَ فُلَانٍ مِنْ حَبْسِهِ فَإِنْ كَانَ لَهُ خَصْمٌ قَدْ حُبِسَ لَهُ فَلْيَحْضُرْ وَلَا يُنَادِي بِأَنْ يَحْضُرَ كُلَّ خَصْمٍ لَهُ مِمَّنْ لَمْ يُحْبَسْ فِي حَقِّهِ.

فَإِذَا مَضَتْ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَمْ يَحْضُرْ لَهُ خَصْمٌ أَطْلَقَهُ بَعْدَ إِحْلَافِهِ أَنَّهُ مَا حُبِسَ بِحَقِّ لخَصْمٍ.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَقُولَ حَبَسَنِي لِتَعْدِيلِ بَيِّنَةٍ شُهِدَتْ عَلَيَّ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي جَوَازِ حَبْسِهِ بِذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ يَجُوزُ حَبْسُهُ عَلَى تَعْدِيلِ الْبَيِّنَةِ، لِأَنَّ عَلَى الْمُدَّعِي إِقَامَةَ الْبَيِّنَةِ، وَعَلَى الْقَاضِي الْكَشْفَ عَنِ الْعَدَالَةِ فَلَمْ يَمْنَعْ مَا عَلَى الْقَاضِي مِنْ حَبْسِهِ فِي حق المدعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>