للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالنَّصُّ: مَا وَرَدَ بِهِ السَّمْعُ فِي تَعْلِيقِ حُكْمٍ بِالِاسْمِ، وَالْقِيَاسُ: مَا ثَبَتَ حُكْمُهُ مِنْ مَعْنَى الِاسْمِ.

وَفِيمَا أُخِذَ مِنْهُ اسْمُ النَّصِّ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ الِارْتِفَاعِ لِارْتِفَاعِ الْمِنَصَّةِ بِمَنْ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ رَفَعَ الْمُسَمَّى بِذِكْرِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ مَأْخُوذٌ عَنِ الظُّهُورِ لِظُهُورِ مَنْ عَلَى الْمِنَصَّةِ بِهَا، لِأَنَّهُ قَدْ أَظْهَرَ الْمُسَمَّى بِذِكْرِهِ.

( [أَقْسَامُ الْقِيَاسِ] )

:

وَالْقِيَاسُ: قِيَاسَانِ قِيَاسُ مَعْنًى وَقِيَاسُ شَبَهٍ:

وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الْفَرْقِ بَيْنَ قِيَاسِ الْمَعْنَى وَقِيَاسِ الشَّبَهِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ قِيَاسَ الْمَعْنَى مَا أُخِذَ حُكْمُ فَرْعِهِ مِنْ مَعْنَى أَصْلِهِ، وَقِيَاسُ الشَّبَهِ مَا أُخِذَ حُكْمُ فَرْعِهِ مِنْ شَبَهِهِ بِأَصْلِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ قِيَاسَ الْمَعْنَى مَا لَمْ يَكُنْ لِفَرْعِهِ إِلَّا أَصْلٌ وَاحِدٌ أُخِذَ حُكْمُهُ مِنْ مَعْنَاهُ، وَقِيَاسُ الشَّبَهِ مَا تَجَاذَبَتْهُ أُصُولٌ أُلْحِقَ بِأَقْوَاهَا شَبَهًا فَصَارَ قِيَاسُ الْمَعْنَى أَقْوَى من قياس الشبه على الوجهين.

( [قياس المعنى] )

:

فَأَمَّا قِيَاسُ الْمَعْنَى: فَيَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ جَلِيٌّ وَخَفِيٌّ.

فأما الْقِيَاسُ الْجَلِيُّ: فَيَكُونُ مَعْنَاهُ فِي الْفَرْعِ زَائِدًا عَلَى مَعْنَى الْأَصْلِ.

وَأَمَّا الْقِيَاسُ الْخَفِيُّ: فَيَكُونُ معناه في الفرع مساويا لمعنى الأصل.

( [أقسام القياس الجلي] )

:

وَالْقِيَاسُ الْجَلِيُّ: عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:

أَحَدُهَا: مَا عُرِفَ مَعْنَاهُ مِنْ ظَاهِرِ النَّصِّ بِغَيْرِ اسْتِدْلَالٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرِدَ التَّعَبُّدُ فِيهِ بِخِلَافِ أَصْلِهِ، وَذَلِكَ مِثْلُ قَوْله تَعَالَى: {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا} [الإسراء: ٢٢] فَدَلَّ تَحْرِيمُ التَّأْفِيفِ بِبَدِيهَةِ النَّصِّ عَلَى تَحْرِيمِ الضَّرْبِ وَالشَّتْمِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحَرَّمَ التَّأْفِيفُ وَيَحِلَّ الضَّرْبُ وَالشَّتْمُ، فَصَارَ تَحْرِيمُ الضَّرْبِ وَالشَّتْمِ مَأْخُوذًا مِنْ تَحْرِيمِ التَّأْفِيفِ قِيَاسًا وَمِثْلُهُ قَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: ٧ - ٨] فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجَازِيَ عَلَى قَلِيلِ الطَّاعَةِ وَلَا يُجَازِيَ عَلَى كَثِيرِهَا وَيُعَاقِبَ عَلَى قَلِيلِ الْمَعْصِيَةِ وَلَا يُعَاقِبَ عَلَى كَثِيرِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>