وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى مُلُوكِ الْأُمَمِ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ.
فَكَتَبَ إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ مَلِكًا مِنْهُمْ كِسْرَى مَلِكُ الْفُرْسِ وَقَيْصَرُ مَلِكُ الرُّومِ.
فَأَمَّا كِسْرَى فَكَتَبَ إِلَيْهِ: " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَانَ أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا وَالسَّلَامُ ".
فَلَمَّا وَصَلَ كِتَابُهُ مَزَّقَهُ فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَمَزَّقَ مُلْكُهُ.
وَكَتَبَ إِلَى قَيْصَرَ: " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، إِلَى قَيْصَرَ عَظِيمِ الرُّومِ: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بيننا وبينكم، أن لا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ، وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا} [الآية: آل عمران: ٦٤] . فَلَمَّا وَصَلَ كِتَابُهُ قَبَّلَهُ وَوَضَعَهُ عَلَى رَأْسِهِ وَتَرَكَهُ فِي الْمِسْكِ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ثَبُتَ مُلْكُهُ ".
وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ كِتَابًا ذَكَرَ فِيهِ الْأَحْكَامَ وَالزَّكَوَاتِ وَالدِّيَاتِ، فَصَارَ فِي الدِّينِ شَرْعًا ثَابِتًا، وَعَمَلًا مُسْتَفِيضًا.
وَجَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَيْشًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ وَدَفَعَ إِلَيْهِ كِتَابًا مَخْتُومًا، وَقَالَ: لَا تَفُضَّهُ حَتَّى تَبْلُغَ مَوْضِعَ كَذَا، فَإِذَا بَلَغْتَهُ فَفُضَّهُ، وَاعْمَلْ بِمَا فِيهِ فَفَضَّهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَمَرَهُ، وَعَمِلَ بِمَا فِيهِ، وَأَطَاعَهُ الْجَيْشُ عَلَيْهِ.
وَكَتَبَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ إِلَى أُمَرَائِهِمْ وَقُضَاتِهِمْ بِمَا عَمِلُوا عَلَيْهِ فِي الدِّيَانَاتِ وَالسِّيَاسَاتِ.
وَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ عَهْدَهُ عَلَى قَضَاءِ الْبَصْرَةِ وَهُوَ مَشْهُورٌ جَعَلَهُ الْمُسْلِمُونَ أَصْلًا لِلْعُهُودِ.
وَكَتَبَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ: أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّهُ قد حصر بنا فالوحا الوحا.
وَكَتَبَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَسُرُّهُ دَرَكُ مَا لَمْ يَكُنْ لِيَفُوتَهُ، وَيَسُوءهُ فَوْتُ مَا لَمْ يَكُنْ لِيُدْرِكَهُ، فَلَا تَكُنْ بِمَا نِلْتَ مِنْ دُنْيَاكَ فَرِحًا، وَلَا بِمَا فَاتَكَ مِنْهَا تَرِحًا، وَلَا تَكُنْ مِمَّنْ يَرْجُو الْآخِرَةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ وَيُؤَخِّرُ التَّوْبَةُ بِطُولِ أَمَلٍ، فَكَأَنَّ قَدِ، وَالسَّلَامُ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَمَا انْتَفَعْتُ وَلَا اتَّعَظْتُ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمِثْلِ هَذَا الْكِتَابِ.
فَدَلَّتْ هَذِهِ السُّنَنُ وَالْآثَارُ على قبول الكتب في الأحاكم ولأن ضرورات الحكام