للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، أَوْ شَهَادَةً عَلَى الْوَجْهِ الْآخَرِ لَزِمَ الْحُكْمُ بِقَوْلِهِمَا فِي إِلْحَاقِ النَّسَبِ بِمَنْ أُلْحِقَ، وَنَفْيِهِ عَمَّنْ نَفَوْهُ، وَهُوَ قَبْلَ حُكْمِ الْحَاكِمِ، غَيْرُ لَاحِقٍ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَإِنْ رَجَعَ الْقَائِفَانِ فِي قَوْلِهِمَا، وَأَلْحَقُوهُ بِمَنْ نَفَوْهُ عَنْهُ لخطأ اعترافا بِهِ رُوعِيَ رُجُوعُهُمَا، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِقَوْلِهِمَا، لَمْ يَنْقُصْ حُكْمَهُ وَأَمْضَاهُ عَلَى مَا حَكَمَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ حُكْمِهِ بِقَوْلِهِمَا لَمْ يَكُنْ نَسَبُهُ لِلْأَوَّلِ، وَلَا لِلثَّانِي.

أَمَّا الْأَوَّلُ: فَلِبُطْلَانِ الشَّهَادَةِ، بِالرُّجُوعِ عَنْهَا.

وَأَمَّا الثَّانِي: فَلِتُعَارِضِ الْقَوْلَيْنِ فِيهِ.

فَإِنْ أَشْكَلَ عَلَى القائفين ولحوق نَسَبِهِ، وَبَانَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِمَا عُمِلَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَشْكَلَ عَلَى غَيْرِهِمَا عَدَمُ النَّسَبِ مِنْ جِهَةِ القافة، ووجب أَنْ يُوقَفَ النَّسَبُ لِلشَّكِّ، حَتَّى يَنْتَسِبَ الْوَلَدُ بِطَبْعِهِ إِلَى أَحَدُهُمَا لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من شأن الرَّحِمِ إِذَا تَمَاسَّتْ تَعَاطَفَتْ ".

وَلَهُ فِي زَمَانِ انْتِسَابِهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الْقَدِيمُ إِلَى اسْتِكْمَالِ سَبْعٍ، وَهِيَ الْحَالُ الَّتِي يُخَيَّرُ فِيهَا بَيْنَ أَبَوَيْهِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ الْجَدِيدُ الصَّحِيحُ إِلَى بلوغه، لأنه لا يكمن بِقَوْلِهِ فِي لَوَازِمِ الْحُقُوقِ قَبْلَ الْبُلُوغِ، وَإِنْ قَبِلَ فِي الِاخْتِيَارِ لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ من الحقوق، فَإِذَا انْتَسَبَ إِلَى أَحَدِهِمَا لَحِقَ بِهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ تَصْدِيقُ الْأَبِ، فَلَوْ رَجَعَ وَانْتَسَبَ إِلَى الْآخَرِ لَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ بَعْدَ لُحُوقِهِ بِالْأَوَّلِ.

وَلَوْ وُجِدَتِ الْقَافَةُ بَعْدَ انْتِسَابِهِ إِلَى أَحَدِهِمَا، لَمْ يُلْحَقْ بِهِ لِاسْتِقْرَارِ لِحَوْقِهِ بِالِانْتِسَابِ إِلَى الْأَوَّلِ.

وَلَوْ مَاتَ الْوَلَدُ قَبْلَ انْتِسَابِهِ إِلَى أَحَدِهِمَا، قَامَتْ وَرَثَتُهُ، مَقَامَهُ فِي الِانْتِسَابِ، إِلَى أَحَدِهِمَا، وَلَوْ مَاتَ الْمُتَنَازِعَانِ وَالْوَلَدُ بَاقٍ جُمِعَ بَيْنِهِ وَبَيْنَ عَصَبَتِهِمَا، وَكَانَ لَهُ بَعْدَ الِاجْتِمَاعِ مَعَهُمْ أَنْ يَنْتَسِبَ إِلَى أَحَدِهِمَا، فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَبَقِيَ الْآخَرُ نُظِرَ، فَإِنْ كَانَ التَّنَازُعُ فِي فِرَاشٍ مُشْتَرَكٍ انْتَسَبَ إِلَى مَنِ اخْتَارَ مِنَ الْحَيِّ، أَوِ الْمَيِّتِ، وَإِنْ كَانَ التَّنَازُعُ فِي لَقِيطٍ فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَكُونُ كَالْفِرَاشِ فِي انْتِسَابِهِ إِلَى أَحَدِهِمَا.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ يُلْحَقُ بِالْبَاقِي، لِانْقِطَاعِ دَعْوَى الْمَيِّتِ.

وَقَدْ رَوَى زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ قَلَّدَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَضَاءَ الْيَمَنِ اخْتَصَمَ إِلَيْهِ ثَلَاثَةٌ فِي وَلَدِ امْرَأَةٍ، وَقَعُوا عَلَيْهَا، فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ؛ تَنَازَعُوا فِيهِ. فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، وَأَلْحَقَهُ بِمَنْ قَرَعَ مِنْهُمْ، وأخبر به

<<  <  ج: ص:  >  >>