للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي ثَمَنِهِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَقْصًى بِهِ فَالصَّرْفُ بَاطِلٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لِأَنَّهَا شُرُوطٌ تُنَافِي الْعَقْدَ وَمِثْلُهُ وَاقِعٌ.

فَرْعٌ:

وَإِذَا بَاعَهُ ثَوْبًا بِدِينَارٍ إِلَّا دِرْهَمًا فَإِنْ جَهِلَا أَوْ أَحَدُهُمَا قِيمَةَ الدِّينَارِ فِي الْحَالِ كَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا لِلْجَهْلِ بِالثَّمَنِ. وَإِنْ عَلِمَا قِيمَةَ الدِّينَارِ فَفِي الْبَيْعِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: بَاطِلٌ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ لَا يَجُوزُ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْبَيْعَ جَائِزٌ لِأَنَّهُمَا إِذَا عَلِمَا أَنَّ قِيمَةَ الدِّينَارِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَقَدْ بَاعَهُ بِدِينَارٍ إِلَّا دِرْهَمًا كَانَ بِمَثَابَةِ قَوْلِهِ بِعْتُكَ بِدِينَارٍ إِلَّا عُشْرَ دِينَارٍ فَيَصِيرُ الْبَيْعُ بِتِسْعَةِ أَعْشَارِ دِينَارٍ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ عَلَى الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى دِرْهَمًا وَلَمْ يَسْتَثْنِ قِيمَةَ دِرْهَمٍ فَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِي دَفْعُ الدِّينَارِ كُلِّهِ لِمَوْضِعِ الِاسْتِثْنَاءِ وَلَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ دَفَعُ دِرْهَمٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ بمشترِ فَيَتَعَذَّرُ اسْتِيفَاءُ الْعَقْدِ فَبَطَلَ.

فَرْعٌ:

فَإِذَا ابْتَاعَ دِينَارًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَدَفَعَ إِلَيْهِ الصَّيْرَفِيُّ دِينَارًا وَرَجَحَ الدِّينَارُ قِيرَاطًا جَازَ لِلصَّيْرَفِيِّ أَنْ يَهَبَ الْقِيرَاطَ الزَّائِدَ لِلْمُشْتَرِي وَجَازَ أَنْ يُودِعَهُ إِيَّاهُ فَيَصِيرُ الصَّيْرَفِيُّ شَرِيكًا لِلْمُشْتَرِي فِي الدِّينَارِ بِالْقِيرَاطِ الزَّائِدِ.

فَإِنْ دَفَعَ إِلَيْهِ الْمُشْتَرِي قِيرَاطًا مِنْ غَيْرِ الدِّينَارِ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ إِلَّا بِاخْتِيَارِهِ وَيَكُونُ اسْتِئْنَافَ صَرْفٍ آخَرَ فِي قِيرَاطٍ بِقِيرَاطٍ.

فَلَوْ كَانَ الصَّيْرَفِيُّ حِينَ زَادَ الدِّينَارَ قِيرَاطًا أَخَذَ مِنَ الْمُشْتَرِي ثَمَنَ الْقِيرَاطِ الزَّائِدِ وَرِقًا جَازَ بِأَكْثَرَ مِنَ السِّعْرِ الْأَوَّلِ وَبِأَقَلَّ لِأَنَّهُ اسْتِئْنَافُ صَرْفٍ ثَانٍ.

وَلَوْ أَخَذَ مِنْهُ الصَّيْرَفِيُّ بَدَلَ الْقِيرَاطِ الزَّائِدِ قِيرَاطًا مِنْ ذَهَبٍ جَازَ أَيْضًا لِأَنَّهُمَا عَقْدَانِ وَلَكِنْ لَوْ تَبَايَعَا فِي الِابْتِدَاءِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَقِيرَاطًا بِدِينَارٍ وَقِيرَاطٍ كَانَ بَاطِلًا لِأَنَّهُ عَقْدٌ وَاحِدٌ كَمُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ بِمُدَّيْ عَجْوَةٍ.

فَرْعٌ:

وَإِذَا اشْتَرَى ثَوْبًا بِدِينَارٍ وَوَزَنَ الْمُشْتَرِي الدِّينَارَ فَرَجَحَ فِي الْمِيزَانِ فَأَعْطَاهُ بَائِعُ الثَّوْبِ حِزَامًا أَفْضَلَ مِنَ الدِّينَارِ ذَهَبًا وَهُمَا لَا يَعْلَمَانِ قَدْرَ الزِّيَادَةِ جَازَ. لِأَنَّهُمَا قَدِ اسْتَأْنَفَا صَرْفًا فِي ذَهَبٍ بِذَهَبٍ مُتَمَاثِلٍ مَعَ الْجَهْلِ بِالْقَدْرِ وَهَذَا لَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الصَّرْفِ. أَلَّا تَرَى أَنَّهُ لَوْ بَاعَ سَبِيكَةَ ذَهَبٍ لَا يَعْلَمُ وَزْنَهَا بِوَزْنِهَا ذَهَبًا جَازَ لِحُصُولِ التَّمَاثُلِ وَإِنْ جَهِلَا الْقَدْرَ.

فَرْعٌ:

وَإِذَا أَوْدَعَ رَجُلٌ رَجُلًا مِائَةَ دِينَارٍ ثُمَّ إِنَّ صَاحِبَ الدَّنَانِيرِ لَقِيَ الْمُودَعَ فَبَاعَ عَلَيْهِ الدَّنَانِيرَ الْوَدِيعَةَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَالدَّنَانِيرُ غَيْرُ حَاضِرَةٍ لَمْ يَجُزْ وَكَانَ الصَّرْفُ بَاطِلًا لِأَنَّهُ لَمْ يَتَنَاوَلْ عَيْنًا حَاضِرَةً تُرَى وَلَا صِفَةً فِي الذِّمَّةِ تُعْرَفُ وَلَكِنْ لَوْ كَانَ الْمُودَعُ قَدْ ضَمِنَهَا بِالِاسْتِهْلَاكِ ثُمَّ ابْتَاعَهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ صَحَّ وَكَانَ هَذَا بَيْعَ عَيْنٍ بِدَيْنٍ.

فَلَوْ كَانَ قَدْ ضَمِنَهَا بِالتَّعَدِّي مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا فَابْتَاعَهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ بَقَاءَ عَيْنِهَا يَمْنَعُ مِنَ اسْتِقْرَارِهَا فِي الذِّمَّةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الدَّنَانِيرُ وَقْتَ الْعَقْدِ حَاضِرَةً فَيَصِحُّ الصَّرْفُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>