للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسعود، وأساءوا الأدب، ولم يمكن المجاهرة بالمحاربة، اتفق الرأي على الدعاء عليه شهرًا، كما دعا النبي صلى الله عليه وسلم على رِعل وذكوان شهرًا، فابتدأ هو والخليفة سرًا، كل واحد في موضعه يدعو سحَرًا، من ليلة تسع وعشرين من جمادى الأولى، واستمر الأمر كل ليلة، فلما تكمّل الشهر، مات مسعود على سريره، لم يزد على الشهر يومًا، ولا نقص يومًا، فتبارك الله رب العالمين.

واتفق العسكر على سلطنة ملكشاه، وقام بأمره خاصّ بك، ثم إن خاصّ بك قبض على ملكشاه، وطلب أخاه محمدًا من خوزستان، فجاءه فسلّم إليه السلطنة، فلما استقر قتل خاصّ بك، وهرب شِحنة بغداد لما سمع بموت مسعود، وأمر الخليفة: أي مَن تخلّف من الجُند عن الخدمة أبيح دمه، وأمر الخليفة ابن النّظام أن يمضي إلى مدرستهم، ويدرّس بها وأحضر الشيخ أبو النجيب مدرسها وأهين وحبس، لأنه درس بها من جهة السلطان، وقبضوا على الحيص بيص، وأخرجوه من بيته حافيًا مهانًا، وحُبس في حبس اللصوص، ثم أُحضر الشيخ أبو النجيب إلى باب النوبي، وكُشف رأسُه، وضُرب خمس دِرَر، ثم حُبس، ثم أُخذ البديع الصوفي الواعظ صاحب أبي النجيب، واتُهم بالرفض، فشُهِّر وصُفع.

وبلغ الخليفة أن في نواحي واسط تخبيطًا، فسار بعسكره وراءه الناس، وسار إلى واسط، فرتّب بها شحنة، ثم مضى إلى الحلة، والكوفة، ثم عاد إلى بغداد مؤيَّدًا منصورًا، فغُلِّقت بغداد، وزُيّنت، وعُملت القباب، وعمل الذهبيون بباب الخان العتيق قبة، عليها صورة مسعود، وخاصّ بك، وعباس، بحركات تدور، وعُملت قباب عديدة على هذا النموذج، وانطلق أهل بغداد في اللعب والخبال، واللهو إلى يوم عيد النحر.

وفيها كان خروج الغورية، وحاربهم السلطان سَنْجر، وملكهم حسين بن حسين ملك جبال الغور، وهي من أعمال غزنة، فأول ما ملكوا بلخ، فقاتله سنجر، وأسره وعفا عنه وأطلقه، فسار حسين إلى غزنة، وملكها بهرام شاه بن مسعود بن إبراهيم بن مسعود بن محمود بن سُبُكتكين، فانهزم من غير قتال، وتسلّم علاء الدين حسين الغوري غزنة، واستعمل عليها أخاه سيف الدين، وردّ إلى الغور، فلما جاء الشتاء قدِم بهرام، وقام معه أهل غزنة، فقبض على سيف الدين وصلبه، ثم لم يلبث بهرام شاه أن مات، فأقاموا بعده ولده

<<  <  ج: ص:  >  >>