ثلاثٍ وستين وخمسمائة، واستوطن حلب مدّة، وصحب بها الأمير بدر الدين حسَن ابن الداية النوري واليها. وكان يبتاع الخَليع من الملبوس ويتَّجر به إلى بَلَد الروم. ثم نزل دمشق، وصحِب عز الدين فرُّوخ شاه، واختصّ به، وسافر معه إلى مصر، واقتنى من كُتُب خزائنها عندما أُبيعت. ثم استوطن دمشق وقصده الناسُ. وكان ليِّنًا في الرواية معجَبًا بنفسه فيما يذكره ويرويه، وإذا نوظر جَبّه بالقَبيح، ولم يكن موفّق القلم، رأيت له أشياء باردة. قال: واشتهر عنه أنه لم يكن صحيح العقيدة.
قلت: قوله: لم يكن صحيح العقيدة، فيه نظر إلا أن يكون أراد أنه على عقيدة الحنابلة، فالله أعلم.
وقال الموفق عبد اللطيف: اجتمعتُ بالكِندي النحوي، وجرى بيننا مباحثات. وكان شيخًا بهيًّا، ذكيًا، مُثريًا، له جانب من السلطان، لكنه كان معجبًا بنفسه، مؤذيًا لجليسه.
قلت: لأنه آذاه ولقّبه بالمطحن.
قال: وجرت بيننا مباحثات فأظهرني الله عليه في مسائل كثيرة، ثم إني أهملت جانبه!
وقال أبو الطاهر الأنماطي: توفي الكِندي في خامس ساعة من يوم الاثنين سادس شوال، وصلى عليه بجامع دمشق بعد صلاة العصر القاضي ابن الحَرَستاني، وبظاهر باب الفراديس الحُصْري الحنفيّ، وبالجبل الشيخ الموفَّق، ودُفن بتُربة له، وعُقد العزاء له تحت النَّسر يومين، وانقطع بموته إسناد عظيم وكُتُب كثيرة.
١٤٤ - سعيد بن حمزة بن أحمد بن الحسن، أبو الغنائم النِّيلي الكاتب.
ولد بالنيل من العراق سنة ثماني عشرة وخمسمائة، وسمع بحكم الاتفاق من هبة الله بن أحمد الشبلي، ومحمد بن عبد الله بن الحَرَّاني.