وافتتح مدينة فاس، وأرسل بصاحبها وبصاحب سبتة أسيرين إلى المعز. ووطد له من إفريقية إلى البحر، سوى مدينة سبتة، فإنها بقيت لبني أمية أصحاب الأندلس.
وذكر القفطي أن المعز عزم على تجهيز عسكر إلى مصر، فسألته أمه تأخير ذلك لتحج خفية، فأجابها، وحجت، فلما حصلت بمصر، أحس بها الأستاذ كافور الإخشيدي، فحضر وخدمها وحمل إليها هدايا، وبعث في خدمتها أجناداً، فلما رجعت من حجها منعت ولدها من غزو بلاده، فلما توفي كافور بعث المعز جيوشه، فأخذوا مصر.
قال غيره: ولما بلغ المعز موت كافور صاحب ديار مصر، جهز جوهرا المذكور إليها، فجبى جوهر القطائع التي على البربر، فكانت خمسمائة ألف دينار، وسار المعز بنفسه إلى المهدية في الشتاء، فأخرج من قصور آبائه من الأموال خمسمائة حمل، ثم سار جوهر في الجيوش إلى مصر في أول سنة ثمان وخمسين، وأنفق الأموال. وكان في أهبة هائلة، وصادف بمصر الغلاء والوباء، فافتتحها، وافتتح الحجاز والشام، ثم أرسل يعرف المعز بانتظام الحال، فاستخلف على إفريقية بلكين بن زيري الصنهاجي، وسار في خزائنه وجيوشه في سنة إحدى وستين. ودخل الإسكندرية في شعبان سنة اثنتين وستين، فتلقاه قاضي مصر أبو الطاهر الذهلي والأعيان، فطال حديثهم معه، وأعلمهم بأن قصده القصد المبارك من إقامة الجهاد والحق، وأن يختم عمره بالأعمال الصالحة، وأن يعمل بما أمره به جده رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ووعظهم وطول حتى بكى بعضهم، ثم خلع على جماعة، وسار فنزل بالجيزة، فأخذ جيشه في التعدية إلى مصر، ثم دخل القاهرة، وقد بنيت له بها دور الإمرة. ولم يدخل مصر، وكانوا قد احتفلوا وزينوا مصر، فلما دخل القصر خر ساجداً وصلى ركعتين.
وكان عاقلاً، حازماً، أديباً، سرياً، جواداً ممدحاً، فيه عدل وإنصاف، فمن ذلك، قيل: إن زوجة الإخشيد لما زالت دولتهم أودعت