قال أبو المظفر الأبيوردي: كانوا يقولون: ملك الدنيا ابنا بربريتين؛ يعنون المنصور وعبد الرحمن بن معاوية.
وكان المنصور إذا ذكر عبد الرحمن قال: ذاك صقر قريش، دخل المغرب وقد قتل قومه، فلم يزل يضرب العدنانية بالقحطانية حتى تملك.
قال أبو محمد بن حزم: أقام عبد الرحمن في بلاده يدعو بالخلافة لأبي جعفر المنصور أعواما، ثم ترك الخطبة.
وقيل: لما توطد ملك عبد الرحمن سارت إليه بنو أمية من كل ناحية، فأكرم موردهم وادبر أرزاقهم، ولم يهجه بنو العباس، ولا هو تعرض لهم، بل قنع بإقليم الأندلس.
قال سعيد بن عثمان اللغوي الذي توفي سنة أربعمائة: كان بقرطبة جنة اتخذها عبد الرحمن بن معاوية، وكان فيها نخلة أدركتها، ومنها تولدت كل نخلة بالأندلس.
قال: وفي ذلك يقول عبد الرحمن بن معاوية:
يا نخل أنت غريبة مثلي في الغرب نائية عن الأهل فابكي، وهل تبكي مكمشة عجماء، لم تطبع على خبل؟ لو أنها تبكي، إذا لبكت ماء الفرات ومنبت النخل لكنها ذهلت، وأذهلني بغضي بني العباس عن أهلي ومن شعره أيضا:
أيها الراكب الميمم أرضي أقر من بعضي السلام لبعضي إن جسمي كما علمت بأرض وفؤادي ومالكيه بأرض قدر البين بيننا فافترقنا فطوى البين عن جفوني غمضي وقضى الله بالفراق علينا فعسى باجتماعنا الله يقضي توفي في شهر جمادى الأولى سنة اثنتين وسبعين، وقام من بعده ابنه هشام.