قد فعلت ما لو كان أمير المؤمنين حاضره كان يفعل ذلك. فقلت: أقرئ الأمير السلام وقل له: إن أمير المؤمنين قد كان أعفاه في حياته مما كان يكره، ولا أحب أن أتبعه بعد موته بما كان يكرهه في حياته. فعاد، وقال: يكون شعاره، فأعدت عليه مثل ذلك. وقد كان غزلت له الجارية ثوبا عشاريا قوم بثمانية وعشرين درهما ليقطع منه قميصين، فقطعنا له لفافتين، وأخذ منه فوران لفافة أخرى، فأدرجناه في ثلاث لفائف، واشترينا له حنوطا، وفرغ من غسله، وكفناه. وحضر نحو مائة من بني هاشم ونحن نكفنه، وجعلوا يقبلون جبهته حتى رفعناه على السرير.
وقال عبد الله بن أحمد: صلى على أبي محمد بن عبد الله بن طاهر، غلبنا على الصلاة عليه. وقد كنا صلينا عليه نحن والهاشميون في الدار.
وقال صالح: وجه إلي ابن طاهر: من يصلي عليه؟ قلت: أنا. فلما صرنا إلى الصحراء إذا ابن طاهر واقف، فخطا إلينا خطوات وعزانا ووضع السرير. فلما انتظرت هنية تقدمت وجعلت أسوي صفوف الناس، فجاءني ابن طاهر فقبض هذا على يدي، ومحمد بن نصر على يدي وقالوا: الأمير. فمانعتهم فنحياني وصلى، ولم يعلم الناس بذلك. فلما كان من الغد علم الناس، فجعلوا يجيئون ويصلون على القبر. ومكث الناس ما شاء الله يأتون فيصلون على القبر.
وقال عبيد الله بن يحيى بن خاقان: سمعت المتوكل يقول لمحمد بن عبد الله: طوبى لك يا محمد، صليت على أحمد بن حنبل، رحمة الله عليه.
وقال أبو بكر الخلال: سمعت عبد الوهاب الوراق يقول: ما بلغنا أن جمعا في الجاهلية والإسلام مثله، حتى بلغنا أن الموضع مسح وحزر على الصحيح، فإذا هو نحو من ألف ألف، وحزرنا على القبور نحوا من ستين ألف امرأة.
وفتح الناس أبواب المنازل في الشوارع والدروب ينادون: من أراد الوضوء؟
وروى عبد الله بن إسحاق البغوي أن بنان بن أحمد القصباني أخبره أنه حضر جنازة أحمد، فكانت الصفوف من الميدان إلى قنطرة باب القطيعة، وحزر من حضرها من الرجال ثمان مائة ألف، ومن النساء ستين ألف امرأة. ونظروا فيمن صلى العصر في مسجد الرصافة فكانوا نيفا وعشرين ألفا.
وقال موسى بن هارون الحافظ: يقال: إن أحمد لما مات، مسحت