في خيمة، وأرسل إليه عشرة آلاف دينار ليتجهز بها، وخلع عليه وأطلق له جماعة من البطارقة، فقال أرمانوس: أين جهة الخليفة؟ فأشاروا له، فكشف رأسه وأومأ إلى الجهة بالخدمة، وهادنه السلطان خمسين سنة، وشيعه مسيرة فرسخ.
وأما الروم - لعنهم الله - فلما بلغهم أنه أسر ملكهم ملكوا عليهم ميخائيل، فلما وصل أرمانوس إلى طرف بلاده بلغه الخبر، فلبس الصوف وأظهر الزهد، وجمع ما عنده من المال، فكان مائتي ألف دينار وجوهر بتسعين ألف دينار، فبعث به، وحلف أنه لا بقي يقدر على غير ذلك.
ثم إن أرمانوس استولى على بلاد الأرمن.
وكانت هذه الملحمة من أعظم فتح في الإسلام، ولله الحمد.
قال: وفيها سار آتسز بن أبق الخوارزمي من أحد أمراء ألب أرسلان في طائفة من الأتراك، فدخل الشام، فافتتح الرملة، ثم حاصر بيت المقدس وبه عسكر المصريين فافتتحه، وحاصر دمشق، وتابع النهب لأعمالها حتى خربها، وثبت أهل البلد فرحل عنه.
قلت: ولكن خرب الأعمال ورعى الزرع عدة سنين حتى عدمت الأقوات بدمشق، وعظم الخطب والبلاء، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
[سنة أربع وستين وأربعمائة]
فيها سار نظام الملك الوزير إلى بلاد فارس، فافتتح حصن فضلون، وكان يضرب المثل بحصانته، وأسر فضلون صاحبه، فأطلقه السلطان.
وفيها كان الوباء في الغنم، حتى قيل: إن راعياً بطرف خراسان كان معه خمسمائة رأس ماتوا في يوم.
ومات قاضي طرابلس أبو طالب بن عمار الذي كان قد استولى عليها، توفي في رجب. وتملك بعده جلال الملك أبو الحسن بن عمار، وهو ابن أخي القاضي، فامتدت أيامه إلى بعد الخمسمائة، وأخذت منه الفرنج طرابلس، فلا قوة إلا بالله.