تنبّهي يا عَذَبَاتِ الرَّند … كم ذا الكَرَى هَبَّ نسيمُ نجدِ
مرَّ على الرَّوض وجاء سَحَرًا … يَسحَبُ بُردَي أرَجِ وبردِ
حتّى إذا عانقتُ منه نفحةً … عادَ سَمُومًا والغَرَامُ يُعدي
أُعَلِّلُ القلبَ ببانِ رامةٍ … وما ينوبُ غُصُنٌ عن قدٍّ
وأَقتصي النَّوحَ حماماتِ الِّلوَى … هيهاتَ ما عند اللِّوى ما عندي
ما ضرِّ مَن لم يسمحوا بزَورةٍ … لو سمحوا عن طَيفهم بوعدِ
وله:
أأحبابنا إنّ الدّموع الّتي جَرَت … رخاصاَ على أيدي النَّوى لغَوَالي
أقيموا على الوادي ولو عُمرَ سَاعةٍ … كلَوثِ إزَارٍ أو كَحَلِّ عقالِ
فكم تمّ لي من وقفةٍ لو شَرَيتُها … بروحي لم أُغبَن فكيف بمالي؟
وله:
هُوَ الحِمَى ومغانيه مغانيه … فاحبس وعانِ بليلى ما تعانيهِ
لا تسأل الركبَ والحادي فما سأل … العشاق قبلك عن ركْب وحاديهِ
ما فِي الصِّحاب أخو وَجدٍ أُطارحُهُ … حديثَ نجدٍ ولا صَبٍّ أُجاريه
إليك عن كلّ قلب فِي أماكنهِ … ساهٍ كلّ دمعٍ فِي مآقيه
ما واحدُ القلب فِي المعنى كفاقده … وجامد الدّمع فِي البَلوى كجاريه
يا منزلًا بدواعي البَين مُنتَهبٌ … وما البليَّة إلّا من دواعيه
وَقَفتُ أشكو اشتِياقِي والسِّحابُ به … فانهَلّ دَمْعي وما انهلَّت عزاليه
ومالكٍ غير قتلي ليس يُقنِعُهُ … وفاتكٍ غيرَ ذُليّ ليس يرضيهِ
لم أدرِ حينَ بدا والكأسُ فِي يَدِهِ … من كأسِه الخمرُ، أَمْ عينيه، أمْ فيهِ
حَكَت جواهرُه أيّامه فَصَفَت … واستهدتِ الشمس معنى من معانيهِ
تُوفي فِي رابع رجب بقَريتهِ، وقد أنشد أبو الفَرَج ابن الجوزيّ من شِعره على المنبر.
٩٩ - محمد بن عليّ بن أحمد بن المبارك الوزير مؤيد الدين، أبو الفضل ابن القصّاب البغدادي.
كان ذا رأي وشهامة وحزم وغَورٍ بعيد، وهمّته علِيّةَ، ونفسه أبيّة. وكان أديبًا بارِعًا بليغًا، شاعرًا. وُلّي كتابة ديوان الإنشاء مّدة، ثم ناب في وزارة