النعمة فإن راجع سومح عن الماضي، فأجاب إلى أنه يحمل مالاً عينه، وأن الجيش الذي عنده لا يقوم بهم مال الحضرة، فسيجهزهم إلى فارس لحرب من بها. فبعث إليه الراضي بالعهد، فما حمل المال ولا جهز الجيش. وكان أبو الحسين البريدي ببغداد، فجهزه ابن رائق إلى أخيه أبي عبد الله، ثمّ ضمن البريدي البلاد.
ورجع الراضي إلى بغداد، وتقلّد الشرطة بجكم. وخرج من بقي من الحجرية من بغداد إلى الأهواز، فقبلهم البريدي، وأجرى أرزاقهم، ورثى لهم.
وصارت البلدان بين خارجي قد تغلب عليها، أو عامل لا يحمل مالاً، وصاروا مثل ملوك الطوائف، ولم يبق بيد الراضي غير بغداد والسواد، مع كون يد ابن رائق عليه.
وفيها: ظهرت الوحشة بين محمد بن رائق وبين أبي عبد الله البريدي.
ووافى أبو طاهر القرمطي إلى الكوفة فدخلها في ربيع الآخر، فخرج ابن رائق في جمادى الأولى، وعسكر بظاهر بغداد. وسير رسالة إلى القرمطي فلم تغن شيئاً، ثمّ إن القرمطي رد إلى بلده.
وفيها: استوزر الراضي أبا الفتح الفضل بن جعفر بن الفرات بمشورة ابن رائق. وكان ابن الفرات بالشام فأحضروه.
ومضى ابن رائق إلى واسط وراسل البريدي، فلم يلتفت وأخذ يماطله. وبعث جيشاً إلى البصرة يحفظها من ابن رائق، وطيب قلوب أهلها، فقلق ابن رائق، وبعث إلى البصرة جيشاً، فالتقوا فانهزم جيش ابن رائق غير مرة.
ثم قدم بدر الخرشني من مصر، فأكرمه ابن رائق، ثم نفذه وبجكماً إلى الأهواز، فجهز إليهما البريدي أبا جعفر الجمال في عشرة آلاف نفس، فالتقوا على السوس، فهزمهم الخرشني، وساق وراءهم، فخرج البريدي وأخوه في طيار، وحملوا معهم ثلاثمائة ألف دينار، فغرق بهم الطيار، فأخرجهم الغواصون، واستخرجوا بعض الذهب لبجكم، ووافوا البصرة، ودخل بجكم الأهواز، وكتب إلى ابن رائق بالفتح.