للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قدم بغداد مع والده، فسمع من أبي البركات هبة الله ابن البخاري، وهبة الله بن الحصين، فقتل أبوه ببغداد سنة ست عشرة، وحُمل في تابوت، وسار معه ولده هذا إلى أصبهان. ثم إنه قدم في دولة المقتفي والمستنجد ومدحهما، وخدم في الديوان، ثم عاد إلى أصبهان، ومضى إلى أذربيجان، وخدم السلطان داود، وتولى الكتابة والإنشاء له، ثم عاد إلى أصبهان وتزهد وتعبد، وأقبل على شأنه.

وقد سمع بأصبهان من غانم بن خالد، ومن إسماعيل الحافظ. وكتب كتبًا كثيرة بخطه المليح. وله شعرٌ رائق. وترجل له قاضي أصبهان مرةً، فرآه وسرجه بالحرير، فأنكر عليه وعنفه.

توفي في رمضان سنة سبعٍ وثمانين هذه.

٢٧٧ - محمد بن عمر بن لاجين. ابن أُخت السلطان صلاح الدين، الأمير حسام الدين.

توفي في تاسع عشر رمضان في الليلة التي توفي في صبيحتها صاحب حماة تقي الدين، فحزن عليهما السلطان.

ودفن حسام الدين في التربة الحسامية المنسوبة إليه من بناء والدته ست الشام، وهي في الشامية الكبرى بظاهر دمشق.

وقيل اسمه عمر بن لاجين (١).


= هي ذي: "محمد ويلقب بالفضل، أبو المحاسن ولد الوزير الكبير أبي طالب علي بن أحمد السميرمي الأصبهاني. ولد سنة خمس وخمس مئة، وقدم مع أبيه وسمع ببغداد من أبي البركات ابن البخاري وهبة الله بن الحُصين، فقتلت الملاحدة أباه سنة ست عشرة، وصودر الأولاد، ثم ردوا إلى أصبهان. وللفضل نظم بديع مدح المقتفي والمستنجد، وولي كتابة السر للسلطان داود. ثم تزهد وتأله وتعبد وأقبل على شأنه، ولازم طلب الحديث ونسخ كثيرًا بخطه المليح وكان يحفظ الأجزاء للطلبة ويتشبه بالسلف. وله جلالة عجيبة بأصبهان؛ كان ماشيًا فلقيه قاضي أصبهان صاعد فنزل عن بغلته وسلم عليه فوقف وأمره أن يركب، فلما ركب تأمل الفضل سرج البغلة فإذا هو من حرير فصاح به: انزل يا سيدنا، فنزل وظن له حاجة، فتركه وذهب، فصاح القاضي به: ما السبب في هذا؟ قال: إني أمرتك بالركوب على حرير ولا يجوز، وأنت الساعة برأي نفسك. هو المتقدم".
(١) ينظر مرآة الزمان ٨/ ٤١٣.