وهو أثبت الناس فيه، حمل عنه الكثير من العلوم، وصارت إليه أصوله العتيقة، أتقن عليه القراءات حتى برع فيها. وسمع صحيح البخاري ورواه عن أبي محمد الركلي. وسمع صحيح مسلم من طارق بن يعيش، وسمع مختصر الطليطلي في الفقه، من أبي عبد الله بن عيسى، وسمع سنن أبي داود من طارق أيضًا، وأجاز له أبو الحسين بن البياز، وخازم بن محمد، وأبو علي ابن سكرة، وغيرهم.
قال الأبار: وكان منقطع القرين في الفضل، والزهد، والورع، مع العدالة والتواضع والإعراض عن الدنيا والتقلل منها، صومًا قوامًا، كثير الصدقة، كانت له ضيعة فكان يخرج لتفقدها فتصحبه الطلبة، فمن قارئ، ومن سامع، وهو منشرح، طويل الاحتمال على فرط ملازمتهم له وانتيابهم إياه ليلًا ونهارًا. وأسن وعمر. وهو آخر من حدث عن أبي داود، وانتهت إليه الرياسة في صناعة الإقراء عامة عمره لعلو روايته، وإمامته في التجويد والإتقان، وحدث عن جلة لا يحصون، ورحلوا إليه، وأقرأ وحدث نحوًا من ستين سنة، قال لنا محمد بن أحمد بن سلمون: كان رحمه الله يتصدق على اليتامى والأرامل، فقالت زوجته: إنك لتسعى بهذا في فقر أولادك، فقال لها: لا والله بل أنا شيخ طماع أسعى في غناهم.
قلت: قرأ عليه القراءات أبو محمد القاسم بن فيره الشاطبي، وأبو عبد الله محمد بن نوح الغافقي، وأبو جعفر أحمد بن علي الحصار، وأبو عبد الله محمد بن سعيد المرادي، وأبو علي الحسين بن يوسف بن زلال، وأبو عبد الله محمد بن خلف بن نسع الزناتي، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن سعادة الشاطبي، وعمه المعمر محمد بن عبد العزيز بن سعادة، وولد ابن هذيل أبو عامر محمد بن علي، ومحمد النفزي المعروف بابن فتوح، وأبو الأصبغ عبد العزيز بن أحمد بن الموصل الزاهد، وغلبون بن محمد بن غلبون الأنصاري، وجعفر بن عبد الله بن سيد بونه الخزاعي العابد شيخ الصوفية، وطائفة سواهم. وقرأ عليه رواية نافع محمد بن أحمد بن مسعود الأزدي،