للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومن الحوادث الكائنة في هذه الطبقة (١)

[سنة إحدى وتسعين وستمائة]

في صفر أمر نائب دمشق وهو الشجاعي، بإنزال الكأس السماقي البراق من القلعة إلى الجامع، فأنزل والمؤذنون بين يديه يقرؤون والصبيان يصيحون، إلى أن وضع موضع البرادة. وقلعت البرادة ولم يكن هذا الكأس مثقوبًا، فثقبه المرخمون في أيام. وهو كأس كأنه هناب مرحرح (٢)، يسع نحو عشرة أرطال ماء أو أقل. وحجره من جنس اللوحين اللذين عن جنبتي محراب جامع دمشق، حجر أملس بصاص (٣) مانع قليل الوقوع. ثم أجري فيه الماء وسمرت المغرفتان (٤) مع الركن وشربنا منه. ثم أخذوه إلى القلعة وعمل في دار السلطنة بعد أيام.

وفيه أخرب حمام الملك السعيد ولم يكن في الشام بأسرها حمام أحسن منه ومغله عظيم. وكان بينه وبين باب السر الذي للقلعة نحو سبعين ذراعًا. وأخذوا من حجارة بابه وعملوها على باب السر. وخربوا ما حوله من الدور وغيرها.

وفيه كان البناء في القلعة والطارمة بجد وسهر واجتهاد عظيم. وبني باب الميدان بأعمدة كانت في القلعة وعمل له حيطان هائلة العرض. واقتسمت الأمراء عمله وأقيم في زمن يسير بهمة عالية وسرعة زائدة.

وفي ربيع الأول خطب أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله يوم الجمعة


(١) كتب المصنف الحوادث في آخر الوفيات، فكتبناها في أولها، على القاعدة التي سار عليها المصنف عند تبييض قسم من كتابه.
(٢) المرحرح: الإناء الواسع القصير الجدار.
(٣) بَصَّاص: أي بَرَّاق متلألئ.
(٤) التصقت الألف بالنون فظهرت وكأنها "المغرفتين".