وصفت له مملكة خُراسان وسجِسْتان وغَزنة وخوارزم والغور، وافتتح نصف إقليم الهند في عدة غزوات. وكانت سلطنته بضْعا وثلاثين سنة كما سيأتي في ترجمته.
[سنة عشر وأربعمائة]
وردَ من يمين الدولة محمود كتاب بما افتتحه مِن الهند وبما وصل إليه مِن أموالهم وغنائمهم فيه: إن كتاب العبد صدر من غزنة لنصف المحرم سنة عشر، والدينُ مخصوص بمزيد الإظهار، والشرك مقهور بجميع الأطراف والأقطار، وانتدب العبدُ لتنفيذ الأوامر، وتابع الوقائع على كُفار السند والهند، فرتب بنواحي غزنة العبد محمدا مع خمسة عشر ألف فارس وعشرة آلاف راجل، وأنهض العبد مسعودا مع عشرة آلاف فارس وعشرة آلاف راجل، وشحن بلخ وطخارستان بأرسلان الحاجب مع اثنتي عشر ألف فارس، وعشرة آلاف راجل، وضبط ولاية خوارزم بألتونتاش الحاجب مع عشرين ألف فارس وعشرين ألف راجل. وانتخب ثلاثين ألف فارس وعشرة آلاف راجل لصُحبة راية الإسلام، وانضم إليه جماهير المطوعة. وخرج العبد من غزنة في جُمادى الأولى سنة تسع بقلب منشرح لطلب السعادة، ونفس مشتاقة إلى درك الشهادة، ففتح قلاعا وحصونا، وأسلم زهاء عشرين ألفا من عُباد الوثن، وسلموا قدر ألف ألف من الوَرِق، ووقع الاحتواء على ثلاثين فيلا، وبلغ عدد الهالكين منهم خمسين ألفا. ووافى العبد مدينة لهم عاين فيها زهاء ألف قصر مَشِيد، وألف بيت للأصنام، ومبلغ ما في الصنم ثمانية وتسعون ألف مثقال. وقلع من الأصنام الفضة زيادة على ألف صنم. ولهم صنم معظم يؤرخون مدته بجهالتهم بثلاثمائة ألف عام. وقد بنوا حول تلك الأصنام المنصوبة زهاء عشرة آلاف بيت. فعني العبد بتخريب تلك المدينة اعتناء تاما، وعمها المجاهدون بالإحراق. فلم يبق منها إلا الرسوم. وحين وجد الفراغ لاستيفاء الغنائم، حصل منها عشرين ألف ألف درهم، وأفرد خُمس الرقيق، فبلغ ثلاثًا وخمسين ألفا، واستعرض ثلاثمائة وستة وخمسين فيلا.
وفيها جلس القادر فَقُرِئ عهد الملك قوام الدولة أبي الفوارس، وحُملت إليه خِلَع السلطنة بولاية كَرْمان.