المقامات؛ رواه التَّاج المسعودي عن أبي بكر ابن النَّقور أنه سمع الحريري.
وذكر ولد الحريري، أبو القاسم عبد الله، قال: كان السَّبب في وضع هذه المقامات أنَّ أبي كان جالساً في مسجده ببني حرام فدخل شيخ ذو طمرين، عليه أهبة السَّفر فصيح الكلام، حسنُ العبارة فسأله الجماعة من أين الشَّيخ؟ فقال: من سروج، فاستخبروه عن كنيته فقال: أبو زيد، فعمل أبي المقامة المعروفة بالحرامية وهي الثَّامنة والأربعون، وعزاها إلى أبي زيد المذكور واشتُهِرَت، فبلغ خبرها الوزير شرف الدين أنوشروان بن خالد القاشاني، وزير المسترشد، فأعجبته وأشار على أبي أن يضمَّ إليها غيرها فأتمَّها خمسين مقامة، وإلى الوزير أشار الحريريُّ بقوله في الخطبة: فأشار من إشارته حُكْم، وطاعته غُنْم. وأما تسمية الراوي بالحارث بن همَّام فإنما عنى به نفسه، أخذه من قوله عليه السَّلام: كلُّكم حارث وكلُّكُم همّام، فالحارث الكاسب والهمَّام الكثير الاهتمام؛ لأن كلَّ أحد كاسب ومهتمُّ بأموره.
وقد سمع من أبي تمَّام محمد بن الحسن بن موسى المقرئ، وأبي القاسم بن الفضل القصباني الأديب، وأملى بالبصرة مجالس، وصنَّف أيضاً دُرَّة الغواص في أوهام الخواص والملحة في النحو وصنَّف لها شرحاً، وله ديوان ترسُّل وشعر كثير.
روى عنه ابنه أبو القاسم، وأبو العباس المندائي، الواسطي، وأبو الكرم الكرابيسي، والوزير علي بن طراد، وأبو علي ابن المتوكِّل، وقوام الدِّين علي ابن صدقة الوزير، وابن ناصر الحافظ، وعلي بن المظَفَّر الظَّهيري، ومنوجهر ابن تركانشاه، وأحمد بن علي ابن النَّاعم، وأبو بكر ابن النَّقَّور، ومحمد بن أسعد العراقي، وأبو المُعَمَّر المبارك بن أحمد الأزجي. وآخر مَنْ روى عنه بالإجازة أبو طاهر بركات بن إبراهيم الخُشُوعي.
ولد سنة ست وأربعين وأربعمائة، وقرأ الأدب بالبصرة على القصباني ثم استعان بذكائه وفطنته على اللُّغات والآداب.