الموفّق، فانهزم الزَّنج، وملك أصحاب الموفّق السُّور، فاحرقوا المجانيق والسّتائر. وجاء أبو العبّاس من مكان آخر، فاقتحم الخنادق، وثلم السُّور ثلمةً اتسّع منها الدّخول. وانهزم الخبيث وأصحابه، وجند الموفَّق يتبعونهم إلى اللّيل. ثم عاد الخبيث إلى المدينة، وعدى الموفّق إلى عسكره، وتراجع أصحاب الخبيث واسأمن إلى الموفق خلق من قواده وفرسانه، ثم رم الخبيث ما كان وهى من الأسوار والخنادق.
وفيها استولى أحمد بن عبد الله الخجستاني على خراسان، وكرمان، وسجستان، وعزم على قصد العراق، وضرب السِّكّة باسمه، وعلى الوجه الآخر اسم المعتمد.
وفيها حبس أحمد بن طولون أحمد بن المدبّر الكاتب وصادره، وأخذ منه ستمائة ألف دينار. وكان يتولى خراج دمشق.
سنة ثمانٍ وستّين ومائتين
فيها توفّي: أبو الحسن أحمد بن سيّار المروزيّ، وأحمد بن شيبان الرمليّ، وأحمد بن يونس الضَّبّيّ الأصبهاني، وعيسى بن أحمد العسقلانيّ البلخيّ، والفضل بن عبد الجبّار المروزيّ، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم الفقيه.
وفي المحرمّ استأمن إلى الموفّق جعفر بن إبراهيم السّجّان، وكان صاحب أسرار الخبيث وأحد خواصّه، فخلع عليه الموفَّق وأعطاه مالًا كثيرًا، وأمر بحمله في سفينة إلى قريب مدينة الخبيث. فلمّا حاذى قصر الخبيث صاح: ويحكم إلى متى تصبرون على هذا الخبيث الكذّاب. وحدَّثهم بما اطَّلع من كذبه وفجوره، فاستأمن في ذلك اليوم خلق كثير منهم. وتتابع النّاس في الخروج من عند الخبيث.
وفي ربيع الآخر زحف الموفَّق على مدينة الخبيث، وهدم من السّور أماكن، ودخل الجند من كل ناحية واغترّوا، فخرج عليهم أصحاب الخبيث، فتحيَّروا في الخروج، وبعض النّاس طلب الشّطّ فغرقوا. وردّ الموفّق إلى مدينة الموفّقية، وقد أصيب أصحابه. ثمّ ضيّق على الخبيث،