وقطعوا الطرقات ما بين فارس وخوزستان، وانصرف جماعة من أصحاب جاولي إليهم وصاروا منهم؛ ثم ظفر جاولي بثلاثمائة منهم، فأحاط هو وجنده بهم فقتلوهم، وكان جماعة منهم في عسكر بركياروق، فاستغووا خلقاً منهم، فوافقوهم، فاستشعر أصحاب السلطان منهم، ولبسوا السلاح، ثم قتلوا منهم نحو مائة رجل.
وكان بنواحي المشان رجل منهم يتزهد ويدعي الكرامات، أحضر مرة جدياً مشوياً لأصحابه، فأكلوا منه، وأمر برد عظامه إلى التنور، فردت، وجعل على التنور طبقاً، ثم رفع الطبق فوجدوا جدياً يرعى حشيشاً، ولم يروا ناراً ولا رماداً، فتلطف بعض أصحابه حتى عرف بأن التنور كان يفضي إلى سرداب، وبينهما طبق من حديد يدور بلولب، فيفرك اللولب، فتدور النار، ويجيء بدلها الجدي والمرعى.
وقال الغزالي في كتاب سر العالمين: شاهدت قصة الحسن بن الصباح لما تزهد تحت حصن ألموت، فكان أهل الحصن يتمنون صعوده إليهم، ويمتنع ويقول: أما ترون المنكر كيف فشا؟ وفسد الناس، فصار إليه خلق، فخرج أمير الحصن يتصيد، وكان أكثر تلامذته في الحصن، فأصعدوه إليهم وملكوه، وبعث إلى الأمير من قتله، ولما كثرت قلاعهم، واشتغل عنهم أولاد ملكشاه باختلافهم اغتالوا جماعة من الأمراء والأعيان.
وللغزالي - رحمه الله - كتاب فضائح الباطنية، ولابن الباقلاني، والقاضي عبد الجبار، وجماعة: الرد على الباطنية، وهم طائفة خبيثة، يظهرون الزهد، والمراقبة، والكشف، فيضل بهم كل سليم الباطن.
قال ابن الأثير: وفي شعبان من سنة أربعٍ وتسعين أمر السلطان بركياروق بقتل الباطنية، وهم الإسماعيلية، وهم القرامطة، قال: وتجرد بأصبهان للانتقام منهم أبو القاسم مسعود بن محمد الخجندي الفقيه الشافعي، وجمع الجم الغفير بالأسلحة، وأمر بحفر أخاديد أوقدوا فيها النيران، وجعل