للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرشيد، فعقد لجعفر، وقال: إما أن تخرج أنت أو أخرج أنا، فسار إليهم جعفر، فأصلح بينهم، وقتل فيهم، ولم يدع لهم رمحا ولا قوسا، فهجم الأمر، واستخلف على دمشق عيسى بن المعلى، وانصرف.

قال الخطيب: كان جعفر عند الرشيد بحالة لم يشاركه فيها أحد، وجوده، وسخاؤه أشهر من أن يذكر، وكان من ذوي اللسن والبلاغة، يقال: إنه وقع في ليلة بحضرة الرشيد زيادة على ألف توقيع، ونظر في جميعها، فلم يخرج شيئا منها عن موجب الفقه، وكان أبوه يحيى قد ضمه إلى أبي يوسف القاضي حتى علمه، وفقهه.

وعن ثمامة بن أشرس قال: ما رأيت أبلغ من جعفر بن يحيى، والمأمون.

قيل: اعتذر رجل إلى جعفر، فقال: قد أغناك الله بالعذر منا عن الاعتذار إلينا، وأغنانا بالمودة لك عن سوء الظن بك.

قال محمد بن عبد الله بن طهمان: حدثني أبي قال: كان أبو علقمة الثقفي صاحب الغريب عند جعفر بن يحيى، فقال وقد أقبلت عليه خنفساة: أليس يقال إن الخنفساة إذا أقبلت إلى رجل أصاب خيرا؟ قالوا: بلى، فقال: يا غلام أعطه ألف دينار، فأعطاه، فنحوها عنه، قال: فعادت إليه، فقال: يا غلام أعطه ألفا أخرى.

قال جحظة: حدثني ميمون بن مهران قال: حدثني الرشيدي قال: حدثني مهذب حاجب العباس بن محمد: أن العباس نالته إضاقة، وكثر الغرماء، فأخرج سفطا فيه جوهر شراؤه ألف ألف درهم، فحمله إلى جعفر بن يحيى، فالتقاه جعفر، فقال: أريد على هذا خمس مائة ألف حتى تأتي الغلة، فقال: أفعل، ورفع السفط.

فلما رجع العباس بن محمد إلى منزله، وجد السفط قد سبقه، ومعه ألف ألف درهم، ثم من الغد دخل جعفر إلى الرشيد فكلمه فيه، فأمر له بثلاث مائة ألف دينار.

قال ابن المرزبان: حدثنا أبو يعقوب النخعي، قال: حدثنا علي بن زيد كاتب العباس ابن المأمون قال: حدثني إسحاق الموصلي، عن أبيه قال: حج الرشيد ومعه جعفر، وأنا معهم، فلما صرنا إلى المدينة، قال لي جعفر:

<<  <  ج: ص:  >  >>