فأما أبو يوسف البريدي فكان ينكر على أخيه أبي عبد الله، ويُطلق لسانه فيه، ويعامل عليه أحمد بن بويه وتوزون، وينسبه إلى الغدر والظلم والجبن والبخل، فاستدعاه أخوه عبد الله إلى الدار بالبصرة، وأقعد له جماعةً في الدهليز ليقتلوه. فلما دخل ضربوه بالسكاكين، فلامه بعض إخوته فقال: اسكت وإلا ألحقتك به.
ثم مات بعده بثمانية أشهر؛ ووُجد له ألف ألف دينار ومائتا ألف دينار، وعشرة آلاف ألف درهم. ومن الفرش وغيرها ما قيمته ألف ألف دينار وألف رطل ند، وألفا رطل هندي، وعشرون ألف رطل عود.
وقد تقدم من أخباره. وسيذكر في العام الآتي.
[سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة]
قد ذُكر أن توزون حلف وبالغ في الأيمان للمتقي، فلما كان رابع محرم توجه المتقي من الرقة إلى بغداد، فأقام بهيت، وبعث القاضي أبا الحسين الخرقي إلى توزون وابن شيرزاد، فأعاد الأيمان عليهما. وخرج توزون وتقدمه ابن شيرزاد، فالتقى المتقي بين الأنبار وهيت.
وقال المسعودي: لما التقى توزون بالمتقي ترجل وقبّل الأرض، فأمره بالركوب، فلم يفعل، ومشى بين يديه إلى المخيم الذي ضربه له. فلما نزل قبض عليه وعلى ابن مقلة ومن معه. ثم كحله، فصاح المتقي، وصاح النساء، فأمر توزون بضرب الدبادب حول المخيم. وأُدخل بغداد مسمول العينين، وقد أخذ منه الخاتم والبردة والقضيب. وبلغ القاهر فقال: صرنا اثنين، ونحتاج إلى ثالث، يُعرض بالمستكفي، فكان كما قال، سُمل بعد قليل.
وقال ثابت: أحضر توزون عبد الله ابن المكتفي وبايعه بالخلافة، ولقبه بالمستكفي بالله، ثم بايعه المتقي لله المسمول، وأشهد على نفسه بالخلع لعشرٍ إن بقين من المحرم سنة ثلاثٍ وثلاثين. ثم أُخرج المتقي إلى جزيرة مقابل السندية، وسُمل حتى سالت عيناه. وقيل: إنما خُلع لعشرٍ بقين من صفر. ولم يحل الحول على توزون حتى مات.