للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن شاهنشاه صاحب بعلبك خيمة السّلطان غازي، ثم سار فتسلم منبج وحاصر قلعة عزاز، ثم نازل حلب ثالثًا في آخر السنة، فأقام عليها مدةً، فأخرجوا ابنةً صغيرة لنور الدّين إلى صلاح الدّين، فسألته عزاز، فوهبها لها، ثم دخل الديار المصرية واستعمل على دمشق شمس الدولة تورانشاه، وكان قد جاء من اليمن، وخرج سنة ثلاثٍ من مصر، فالتقى الفرنج على الرملة، فانكسر المسلمون يومئذٍ، وثبت صلاح الدّين، وتحيز بمن معه، ثم دخل مصر، ولم شعث العسكر.

وتقدم أكثر هذا القول مفرقًا.

ونازل حلب في أول سنة تسعٍ، فطلب منه عماد الدّين زنكي بن مودود أن يأخذ ما أراد من القلعة، ويعطيه سنجار، ونصيبين، وسروج، وغير ذلك، فحلف له صلاح الدّين على ذلك، وكان صلاح الدّين قد أخذ سنجار من أربعة أشهر، وأعطاها لابن أخيه تقي الدّين عمر، ثم عوضه عنها، ودخل حلب، ورتب بها ولده الملك الظاهر، وجعل أتابكه يازكوج الأسدي، ثم توجه لمحاصرة الكرك، وجاءه أخوه العادل من مصر، فحشدت الفرنج، وجاؤوا إلى الكرك نجدةً، فسير صلاح الدّين تقي الدّين عمر يحفظ له مصر، ثم رحل عن الكرك في نصف شعبان، وأعطى أخاه العادل حلب، فدخلها في أواخر رمضان، وقدم الظاهر وأتابكه، فدخلا دمشق في شوال، وقيل: أعطاه عوض حلب ثلاث مائة ألف دينار، ثم إن صلاح الدّين رأى أن عود العادل إلى مصر، وعود الظاهر إلى حلب أصلح، وعوض بعد العادل بحران، والرها، وميافارقين.

وفي شعبان سنة إحدى وثمانين نزل صلاح الدّين على الموصل، وترددت الرسل بينه وبين صاحبها عز الدين، ثم مرض صلاح الدّين، فرجع إلى حران، واشتد مرضه حتى أيسوا منه، وحلفوا لأولاده بأمره، وجعل وصيه عليهم أخاه العادل وكان عنده، ثم عوفي ومر بحمص وقد مات بها ابن عمه ناصر الدّين محمد بن شيركوه، فأقطعها لولده شيركوه، ثم استعرض التركة فأخذ أكثرها، قال عز الدّين ابن الأثير: وكان عمر شيركوه اثنتي عشرة سنة.

ثم إنه حضر بعد سنة عند صلاح الدّين، فقال له: إلى أين بلغت في

<<  <  ج: ص:  >  >>