وقال مكّي بن عبدان: وافى داود بن عليّ نيسابور أيام إسحاق بن راهوية، فعقدوا له مجلس النّظر، وحضر مجلسه يحيى بن محمد بن يحيى، ومسلم بن الحجّاج، فجرت مسألة تكلَّم فيها يحيى فزبره داود وقال: اسكت يا صبيّ. ولم ينصره مسلم. فرجع إلى أبيه وشكى إليه داود، فقال أبوه: ومن كان؟ ثم قال: مسلم ولم ينصرني.
قال قد رجعت عن كلّ ما حدّثته به.
فبلغ ذلك مسلماً، فجمع ما كتب عنه في زنبيلٍ وبعث به إليه، وقال: لا أروي عنك أبداً، ثمّ خرج إلى عبد بن حميد.
قال الحاكم: علَّقت هذه الحكاية عن طاهر بن أحمد، عن مكّيّ. وقد كان مسلم يختلف بعد هذه الواقعة إلى محمد، وإنمّا انقطع عنه من أجل قصّة البخاريّ.
وكان أبو عبد الله بن الأخرم أعرف بذلك، فأخبر عن الوحشة الأخيرة. وسمعته يقول: كان مسلم بن الحجّاج يظهر القول باللّفظ ولا يكتمه. فلمّا استوطن البخاريّ نيسابور أكثر مسلم الاختلاف إليه، فلمّا وقع بين البخاريّ وبين محمد بن يحيى ما وقع في مسألة اللّفظ، ونادى عليه، ومنع النّاس من الاختلاف إليه حتّى هجر وسافر من نيسابور، قال: فقطعه أكثر النّاس غير مسلم، فبلغ ذلك محمد بن يحيى فقال يوماً: ألا من قال باللَّفظ فلا يحل له أن يحضر مجلسنا.
فأخذ مسلم الرّداء فوق عمامته، وقام على رؤوس النّاس، وبعث إليه بما كتب عنه على ظهر حمال.
وكان مسلم يظهر القول باللَّفظ ولا يكتمه.
وقال أبو حامد ابن الشَّرقي: حضرت مجلس محمد بن يحيى فقال: ألا من قال: لفظي بالقرآن مخلوق فلا يحضر مجلسنا فقام مسلم من المجلس.
قال أبو بكر الخطيب: كان مسلم يناضل عن البخاريّ حتّى أوحش ما بينه وبين محمد بن يحيى بسببه.
قال أبو عبد الله الحاكم: ذكر مصنَّفات مسلم: كتاب المسند الكبير على الرجال، وما أرى أنّه سمعه منه أحد، كتاب الجامع على الأبواب، رأيت بعضه، كتاب الأسامي والكنى، كتاب المسند الصحّيح، كتاب