ولقب ناصر الدنيا والدين، وأرسلت في الحال تركان إلى أصبهان من قبض على بركياروق أكبر أولاد السّلطان فقبض عليه. فلما اشتهر موت أبيه وثب المماليك بأصبهان، وأخرجوه وملكوه بأصبهان. وطالبت العساكر تاج الملك الوزير بالأرزاق، فوعدهم فلما وصل إلى قلعة برجين التي فيها الخزائن صعد إليها ليفرق فيهم، فأغلقها وعصى على تركان فنهبت العساكر أثقاله، وذهبت هي إلى أصبهان. فندم ولحقها، وزعم أن متولي القلعة حبسه، وأنه هرب منه، فقبلت عذره.
وأما بركياروق ففارق أصبهان، وبادر إلى الريّ، وانضم إليه فرقة من العسكر، وأكثرهم من المماليك النظامية، لبغضهم لتاج الملك؛ لأنه كان عدواً لمولاهم، وهو المتهم بقتله، فنازلو قلعة طبرك، وأخذوها عنوةً، وجهزت تركان عساكرها لحربهم، فالتقى الجمعان بناحية بروجرد، فخامر طائفة، والتفوا أيضا على بركياروق، واشتد الحرب. ثمّ انهزم عسكر تركان، وساق بركياروق في أثرهم، فنازل أصبهان في آخر اسّنة. وأسر بعد الوقعة تاج الملك، فأتي به بركياروق وهو على أصبهان، فأراد أن يستوزره.
وأخذ تاج الملك في إصلاح كبار النظامية، وفرق فيهم مائتي ألف دينار، وبلغ ذلك عثمان ابن نظام الملك، فشغب عليهم سائر الغلمان الصغار، وقال: هذا قاتل أستاذكم. ففتكوا به، وقطعوه في المحرم سنة ست. وكان كثير المحاسن والفضائل وإنما غطى ذلك ممالأته على قتل النظام، ولأن مدته لم تطل، وعاش سبعاً وأربعين سنة.
وأما عرب خفاجة فطمعوا بموت السّلطان، وخرجوا على الركب العراقي، فأوقعوا بهم، وقتلوا أكثر الجند الذين معهم، ونهبوا الوفد، ثمّ أغاروا على الكوفة، فخرجت عساكر بغداد وتبعتهم حتّى أدركتهم فقتل من خفاجة خلق، ولم تقو لهم شوكة بعدها.
وفيها كان الحريق المهول ببغداد، وكان من الظهر إلى العصر. قال صاحب الكامل: واحترق من الناس خلق كثير، واحترق نهر معلى، من عقد الحديد إلى خرابة الهراس، إلى باب دار الضرب، واحترق سوق الصاغة،