الناس، فقال معاوية: لا تفعلوا، فوالله لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمص لسانه وشفته، ولن يعيا لسان مصه النبي - صلى الله عليه وسلم - أو شفه. قال: فأبوا على معاوية، فصعد معاوية المنبر، ثم أمر الحسن فصعد، وأمره أن يخبر الناس: إني قد بايعت معاوية، فصعد فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس إن الله هداكم بأولنا، وحقن دماءكم بآخرنا، وإني قد أخذت لكم على معاوية أن يعدل فيكم وأن يوفر عليكم غنائمكم، وأن يقسم فيكم فيأكم، ثم أقبل على معاوية فقال: أكذاك؟ قال: نعم.
ثم هبط من المنبر وهو يقول ويشير بإصبعه إلى معاوية:{وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} فاشتد ذلك على معاوية، فقالوا: لو دعوته فاستنطقته يعني استفهمته ما عنى بالآية، فقال: مهلا، فأبوا عليه، فدعوه فأجابهم، فأقبل عليه عمرو، فقال له الحسن: أما أنت فقد اختلف فيك رجلان، رجل من قريش وجزار أهل المدينة فادعياك، فلا أدري أيهما أبوك، وأقبل عليه أبو الأعور فقال له الحسن: ألم يلعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رعلا وذكوان وعمرو بن سفيان، هذا اسم أبي الأعور، ثم أقبل عليه معاوية يعينهما، فقال له الحسن: أما علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعن قائد الأحزاب وسائقهم، وكان أحدهما أبو سفيان والآخر أبو الأعور السلمي.
زهير بن معاوية: حدثنا أبو روق الهمداني، قال: حدثنا أبو الغريف، قال: كنا في مقدمة الحسن اثني عشر ألفا تقطر سيوفنا من الجدة على قتال الشاميين، فلما أتانا صلح الحسن لمعاوية كأنما كسرت ظهورنا من الغيظ، قال: وقام سفيان بن الليل إلى الحسن، فقال: السلام عليك يا مذل المؤمنين، فقال: لا تقل ذاك، إني كرهت أن أقتلكم في طلب الملك.
قال ابن عبد البر: قال قتادة، وأبو بكر بن حفص: سم الحسن زوجته بنت الأشعث بن قيس. وقالت طائفة: كان ذلك بتدسيس معاوية إليها، وبذل لها على ذلك، وكان لها ضرائر.