للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن الأثير: تغلب صالح بن النضر الكناني على سجستان ومعه يعقوب، فاستنقذها منه طاهر بن عبد الله بن طاهر، ثم ظهر بها درهم المطوعي فغلب عليها، وصار يعقوب قائد عسكره.

ورأى أصحاب درهم عجزه وضعفه، فملكوا عليهم يعقوب لما رأوا من حسن سياسته. فلم ينازعه درهم، واستبد يعقوب بالأمر، وقويت شوكته.

قال علي بن محمد: لما دخل درهم بغداد ولي يعقوب أمر المطوعة، وحارب الخوارج الشراة حتى أفناهم، وأطاعه جنده طاعة لم يطيعوها أحداً. واشتهرت صولته، وغلب على سجستان، وهراة، وبوشنج، ثم حضه أهل سجستان على حرب الترك الذين بأطراف خراسان مع رتبيل لشدة ضررهم، فغزاهم وظفر برتبيل فقتله، وقتل ثلاثة من ملوك الترك، ثم رد إلى سجستان وقد حمل رؤوسهم مع رؤوس ألوف منهم، فرهبته الملوك الذين حوله: ملك المولتان، وملك الرخج، وملك الطبسين، وملوك السند.

وكان على وجهه ضربة منكرة من بعض قتال الشراة، سقط منها نصف وجهه، وخاطه ثم عوفي.

وقد أرسل إلى المعتز بالله هدية عظيمة، من جملتها مسجد فضة يسع خمسة عشر نفساً يصلون فيه. وكان يحمل على عدة جمال، ويفكك ثم يركب.

ثم إنه حارب عسكر فارس سنة خمس وخمسين ومائتين، وقتل منهم ألوفاً. فكتب إليه وجوه أهل فارس: إن كنت تريد الديانة والتطوع وقتل الخوارج فما ينبغي لك أن تتسرع في الدماء. واعتدوا للحصار، ونازلهم ووقع القتال، فظفر يعقوب بأميرهم علي بن الحسين بن قريش وقد أثخن بالجراح، وقتل من جند فارس خمسة آلاف.

ودخل يعقوب شيراز، فأمن أهلها وأحسن إليهم. وأخذ من ابن قريش أربع مائة بدرة، فأنفق في جيشه لكل واحد منهم ثلاث مائة درهم.

ثم بسط العذاب على ابن قريش حتى إنه عصره على أنثييه وصدغيه، وقيده بأربعين رطلاً، فاختلط عقله من شدة العذاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>