ورعبان، فأبى عليه إلا أن يحضر سُنقر الأشقر، فسار صاحب سيس إلى التّتار، واستغاث بهم على الملك الظاهر، واستصحب معه أحد البحرية علم الدّين سلطان، فكان يجتمع بسنقر الأشقر سرا وعليه زي الأرمن، والأشقر يخاف أن يكون دسيسة عليه فلا يصغي إلى قوله فيقول: ما أعرف صاحب مصر، ولا أخرج عن هؤلاء القوم، فلم يزل علم الدّين يذكر له أمارات وعلامات عرف منها صحة قصده، فأذعن للهرب، فلما خرج صاحب سيس لبس سُنقُر الأشقر زيِّهم واختفى معهم، فلما وصل به صاحب سيس إلى بلاده جاء علم الدّين وعرف السلطان بوصوله، فطلب ابن صاحب سيس من مصر، فأحضر إليه وهو على أنطاكية، ثم سيرّه مع جماعة إلى سيس، فوقفوا على النهر به بالقرب من حد دربساك ووصل سنقر الأشقر مع جماعة من سيس، فوقفوا على جانب النهر، ثم أطلق كل من الفريقين أسيرهم، وتسلم نواب السلطان دربساك ورعبان وبقيت بهسنا، سأل صاحب سيس من سنقر الأشقر أن يشفع له عند السلطان في إبقائها له على سبيل الإقطاع، فوعده بذلك، ولما وصل الخبر خرج السلطان من دمشق لتلقيه، فلما رآه ترجل واعتنقا طويلاً وسارا حتى نزلا في المخيم، فلما أصبحا خرجا منه جميعاً، وشفع في بهسنا، فامتنع السلطان فقال: إني قد رهنت لساني معه، وأحسن إلي بما لا أقدر على مكافأته، فقبل شفاعته، وأجاب طلبته.
وكان هولاكو قد أخذ سنقر الأشقر من حبس الملك الناصر يوسف لما افتتح حلب، وعزل البابا حاكم الموصل بالنصراني الفلاح مسعود ومعه أشموط شحنة.
[سنة سبع وستين وستمائة]
في صفر حلف السلطان الأمراء، للملك السعيد، وقرئ تقليده.
وفي جمادى الآخرة توجه السلطان والأمراء إلى الشام جرائد، وناب ابنه عنه، وعلّم على التواقيع، وكاتبه نواب البلاد.
وفيها وصلت رسل أبغا ومعهم جماعة من جهة صاحب سيس وأحضرهم السلطان فأدوا الرسالة، مضمونها طلب الصلح بقوة نفس، وإنا خرجنا فملكنا جميع العالم، وأنت لو صعدت إلى السماء ما تخلصت منا