للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خلافة الصديق وأرضاه]

قال هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة - أن النبي توفي وأبو بكر بالسنح (١)، فقال عمر: والله ما مات رسول الله ! قال عمر: والله ما كان يقع في نفسي إلا ذاك، وليبعثنه الله فيقطع أيدي رجال وأرجلهم.

فجاء أبو بكر الصديق، فكشف عن رسول الله فقبله، وقال: بأبي أنت وأمي، طبت حيا وميتا! والذي نفسي بيده لا يذيقك الله موتتين أبدا!

ثم خرج فقال: أيها الحالف، على رسلك! فلما تكلم أبو بكر جلس عمر، فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه: من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، وقال: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾ وقال: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ﴾ الآية.

فنشج الناس يبكون، واجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة، فقالوا: منا أمير ومنكم أمير. فذهب إليهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة، فذهب عمر يتكلم فسكته أبو بكر.

فكان عمر يقول: والله ما أردت بذلك إلا أني قد هيأت كلاما قد أعجبني خشيت أن لا يبلغه أبو بكر، فتكلم فأبلغ، فقال في كلامه: نحن الأمراء وأنتم الوزراء. فقال الحباب بن المنذر: لا والله لا نفعل أبدا، منا أمير ومنكم أمير. فقال أبو بكر: لا، ولكنا الأمراء وأنتم الوزراء؛ قريش أوسط العرب دارا وأعزهم أحسابا، فبايعوا عمر بن الخطاب أو أبا عبيدة!

فقال عمر: بل نبايعك؛ أنت خيرنا وسيدنا وأحبنا إلى رسول الله ! وأخذ عمر بيده فبايعه، وبايعه الناس.

فقال قائل: قتلتم سعد بن عبادة، فقال عمر:


(١) منازل بني الحارث بن الخزرج بالمدينة، بينها وبين منزل رسول الله ميلٌ.