زوجة ولها بنت، فطلبتُ أن يزوّجني بها، فتوقفت أمها، وقالت: هذا فقير ما له شيء. فقال: والله إني أرى داراً قد بُنيت له وفيها ماءٌ جارٍ وابنتك عنده في الإيوان، وله كفاية على الدوام، فقالت: ترى هذا؟ قال لها: نعم.
فزوّجَتنيها، ورأت ذلك، وأقامت معي سنين، وذلك سنة محاصرة الملك العادل سِنجار.
وكانت امرأة بعد موتها تطلب زواجي، وتشفّعت بزوجة الشيخ، فلما أكثرت عليّ، شكوتها إلى الشيخ، فقال: طوّل روحك يومين، ثلاثة ما تعود تراها. قال: فقدِم ابن عمّها من مصر أميرٌ كبيرٌ بعد أيام، فتزوج بها، وما عدت رأيتها. وكراماته في هذا كثير.
كتب الفقيه تحت هذا الكلام: صحيح ذلك، كتبه محمد بن أبي الحسين اليونيني.
وقال أبو القاسم ابن العديم: توفي في عشْر ذي الحجة، وهو صائم، وقد جاوز الثمانين. فقال لي الفقيه محمد: كنت عند الشيخ، فالتفت إلى داود المؤذّن، فقال: وصيّتك بي غداً، فظنّ المؤذّن أنه يريد يوم القيامة. وكان ذلك يوم الجمعة، وهو صائم، فلما جاء وقت الإفطار قال لجاريته: يا درّاج أجد عطشاً، فسقته ماء لينوفر، فبات تلك الليلة، وأصبح وجلس على حجَر موضِع قبر مستقبل القِبلة، فمات وهو جالس، ولم يُعلم بموته، حتى حرّكوه، فوجدوه ميتاً، فجاء ذلك المؤذّن وغسّله، رحمه الله.
قلت: وله أصحاب كبار منهم: ولده محمد، والشيخ الفقيه، والشيخ عبد الله بن عبد العزيز، والشيخ عيسى بن أحمد، والشيخ توبة، ومحمد بن سيف؛ وأقدمهم الشيخ عبد الخالق اليونيني، توفي بيونين في هذه السنة أيضاً؛ وكان صالحاً زاهداً، كبير القدر، صاحب كرامات، وهو عم الشيخ عيسى اليونيني.
٤٥٣ - عبد الرحمن بن أحمد بن هديّة، أبو عمر البغدادي الوراق الدارقَزّي.
آخر من حدّث عن الحافظ عبد الوهاب الأنماطي؛ سمع منه في سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة. روى عنه الدُّبيثي، والزكي البِرزالي، والضياء، وجماعة. وكان شيخاً صالحاً.