وأما أبو المظفر فقال في المرآة: أخذ ابن يونس وكان محلوق الرأس، فأُحضر بين يدي السّلطان طُغرل، فألبسه طرطورًا أحمر فيه خلاخل، وجعل يضحك عليه، ولم يرجع إلى بغداد من العسكر إلاّ القليل، تقطعوا في الجبال، وماتوا جوعًا وعطشًا، وعمل الناس الأشعار فيها.
قال: ثم كتب الخليفة إلى بكتمر صاحب خِلاط ليطلب ابن يونس من طُغرُل، وكان قزل أخو البهلوان قد حشد وجمع، والتقى طغرل على هَمذان، فانهزم طغرل إلى خلاط ومعه ابن يونس، فأنكر عليه بكتمر ما فعله بالوزير وعسكر الخليفة، فقال له: هم بدؤوني وبغوا عليَّ، فقال له: أطلق الوزير. فلم يُمكنه مخالفته فأطلقه، فبعث إليه بكتمر الخيل والمماليك، فردّ الجميع، وأخذ بغلين ببرذعتين، وركب هو بغلًا وغلامه بغلا، وسار في زيّ صوفي، وقدم الموصل، فانحدر في سفينة متنكرًا.
وفي ربيع الأول عُزل قاضي القضاة أبو طالب عن نيابة الوزارة.
وفي شعبان وُلّي الوزارةَ ببغداد شهاب الدّين أبو المعالي سعيد بن حديدة.
وفي رمضان عُزل أبو طالب عليّ بن عليّ عن قضاء القضاة، وقُلده فخر الدّين أبو الحسن محمد بن جعفر العباسي.
وفيه وصل الوزير جلال الدّين في سفينةٍ من الموصل، وصعد إلى داره مختفيًا. وبلغ الخليفة فكتب إلى ابن حديدة يقول: أين هو ابن يونس؟ فقال: يكون اليوم بتكريت. فقال له الخليفة: بهذه المعرفة تدبِّر دولتي؟ ابن يونس في بيته، وكان ابن حديدة بقوانين التجارة أعرف منه بقوانين الوزارة.
وفي شوال عزل عن الأستاذ دارية أبو طالب بن زبادة ووُلّي عليّ بن بختيار.
وفيها ثار بالقاهرة اثنا عشر من بقايا شيعة الباطنية في الليل، ونادوا: يا آلَ عليّ يا آلَ عليّ. وصاحوا في الدّروب ليلبي أحدٌ دعوتهم، فما التفت إليهم أحد، فاختفوا.